الإنسان ، بل هناك أكثر من عامل داخلي أو خارجي يعتبر نقطة ضعف في حياة هذا الشخص أو ذاك ، ولعل طبيعة التعقيد الاجتماعي في العلاقات تفرض كثيرا من التأثيرات ، مما يجعل من عملية التوجيه بعيدا عن هذه الأجواء ، جهدا ضائعا ، لأن المناعة التي يشعر بها الإنسان خارج نطاق التجربة لا تفيده عند ما يعيش في قلب التجربة التي توحي بالانحراف.
وعلى ضوء هذا ، فإن الطرح الفردي للحل لا يعتبر سليما من ناحية اجتماعية. أمّا الطرح الاجتماعي ، فإن قيمته أن يجعل الحق للمجتمع ممثّلا بأولياء المقتول ، أو بالسلطة الشرعية في الاقتصاص من القاتل ، من دون أن يغلق الباب عن البدائل السلمية للقضية ، وذلك بالعفو من دون مقابل ، أو بالعفو على أساس دفع الدية ، لتكون بمثابة التعويض المادي عن الخسارة التي تلحق بالورثة من خلال ضياع الفرصة التي كانت تمنحهم الاكتفاء المادي بوجود القتيل ، وبذلك استطاعت العدالة الإسلامية أن تقف في الموقع المتوازن الذي لا يتنكر للسلامة العامة في التشريع ، ولا يلغي حق العفو وإمكانات السلامة للقاتل في بعض الحالات.
٦ ـ إن الجريمة قد تكون مرضا ، ولكنه لا يلغي طبيعة الاختيار في التصرف ، لأن العقد النفسية قد تشكل لونا من ألوان الدوافع الشريرة في النفس ، ولكنها لا تسيطر على الإنسان بالمستوى الذي يفقد معه إرادته واختياره ، وإذا وجدت الإرادة وجدت المسؤولية التي تفرض نفسها عليه ، مما يجعل للفعل الصادر عنه صفة الجريمة الخاضعة للعقاب. ولكن ما هو مستوى العقوبة؟
إننا نعتقد أن المعالجة المرضية لن تنفع في هذا المجال بالنسبة إلى المجرم ، بل لا بد لنا من الانطلاق في المعالجة في جوانب أخرى لدى غير المجرمين ، فنربي أفراد المجتمع على الأسس الصحيحة التي تمنع من وجود أفراد مجرمين. أمّا المجرم ، فلا مجال لإلغاء مسئوليته في العقوبة الشديدة