إلى علاج ، كأي مرض آخر من الأمراض النفسية ، التي قد تفرض علينا أن نفتح مصحات للعلاج النفسي ، هذه الفكرة غير دقيقة أولا ، وغير مانعة من البقاء في نطاق هذا التشريع كعلاج حاسم يفرض نفسه على الواقع.
أمّا أنّ الفكرة غير دقيقة ، فلأن الجريمة ليست نتيجة مرض نفسي في كل حالاتها ، بل قد تكون ناشئة من حالات طارئة ، كوضع انفعالي يتحرك في اتجاه العدوان ، أو من أوضاع لا شعورية ، وقد تكون استهتارا بالحياة وبالآخرين ، كنتيجة لفقدان الضوابط الرادعة في المجتمع ، وقد تكون ـ كما تفرض الفكرة ـ ناشئة من عقدة في الطفولة أو في العلاقات العامة والخاصة التي قد تترك آثارها السلبية على حياة الفرد ونفسيته.
وأمّا أنها غير مانعة من بقاء التشريع كحل يفرض نفسه ، فلأننا في مواجهتنا للعقدة النفسية المرضية نقف أمام طرحين للحل ، الطرح الفردي ، والطرح الاجتماعي. أما الطرح الفردي فإنه ينظر إلى حالة الفرد كحالة تستوجب العلاج من أجل الحصول على الصحة النفسية التي تبقيه في المستقبل كعنصر حي فاعل في الحياة ، وربما كان هذا أمرا سليما جدا من وجهة نظر إنسانية فردية ، ولكنه لا يعتبر سليما من ناحية اجتماعية ، لأن هذا الأسلوب سوف يشجع المجرمين على الجريمة بشكل عام ، لأنه يعلم ـ مقدما ـ أنه سيواجه الكثير من أسلوب الرعاية والحماية والتكريم مما يدفعه إلى المزيد من الاستهتار بالجريمة وإلى العزم على مواصلتها.
وقد لا نحتاج في تأكيد هذا الموضوع إلى المزيد من التحليل الفكري ، بل يكفينا الالتفات إلى الحالات التي تطبق فيها قواعد العلاج النفسي في بعض السجون الحديثة في الدول المتقدمة ، فقد كانت برامجها مليئة بالأجواء التربوية التي تشتمل على المحاضرات والأساليب الحديثة في علم النفس بإشراف علماء النفس والاجتماع ، في الوقت الذي كان المجرم يبادر إلى إعادة الجريمة فور خروجه من السجن ، لأن الجانب الفكري ليس كل شيء في حياة