مختصة به من خلال حركة إرادته الذاتية. وفي ضوء هذا لا معنى للقول بأن الأبناء يتحملون المسؤولية السلبية تجاه ما قام به الآباء من السيئات. وربما يطرح سؤال : لماذا لم يتحدث الله عن مسئولية الآباء عن عمل الأبناء؟
والجواب : إن الخطاب هو للأبناء الذين يراد لهم أن ينفتحوا على التاريخ كعبرة يعتبرون بها ، لا كمسؤولية يتحملونها ، مع ملاحظة أخرى ، وهي أن الآباء قد يتحملون مسئولية الأبناء عند ما يتحركون ببعض الأوضاع التربوية أو البرامج التعليمية التي قد تؤدي إلى ضلال الأبناء بنحو التسبيب العملي.
* * *
من وحي الآية
وفي هذه الآية إيحاء بأن على الأمّة ـ في أجيالها الجديدة ـ أن لا تستغرق في تاريخها القديم ليغيب وعيها في داخله ، وليشغلها ذلك عن عملية صنع التاريخ في الحاضر ، كالكثيرين الذين يتحدثون عن أمجاد الآباء القديمة من دون أن يشغلوا أنفسهم بصنع الأمجاد الجديدة ، لتعرف أن الماضي لا يمثل مسئوليتها بل مسئولية الذين صنعوه ، وعليها أن تأخذ منه الدروس والعبر ، ثم تتابع سيرها وتتحرك تجربتها في صنع التاريخ الجديد الذي تتحمل مسئولية إيجاده ومسئولية كل تفاصيله أمام الله.
وفي ضوء ذلك ، لا تكون الأمّة مشدودة إلى الماضي لتتابع خلافاته وأحقاده ومشاكله ، لتكون أحقادا وخلافات ومشاكل لها في الحاضر ، فتتجدد الحروب والنزاعات ، على أساس حروب الماضي ونزاعاته ، بل تكون المسألة مسألة قضايا الواقع الجديد في ما يتحرك به الإنسان في أفكاره