نماذج الانحراف العاطفي والعملي في واقع الناس في الحياة ، وهو النموذج المتمثل في أتباع الظّلمة وأشياعهم حسب التفسير الوارد عن بعض أئمة أهل البيت عليهمالسلام في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ) ، فهم يجمعون بين الإيمان بالله ومحبته ، وبين حبّ الظالمين من أسيادهم وكبرائهم ، تماما كما يحب الإنسان شخصين متساويين في جميع الخصائص والصفات. ولعل هذا الاتجاه في تصوير حالة التسوية في المشاعر بين الله وبين أئمة الظلم ، كان منطلقا من الأساس العملي للواقع الذي يعيشونه ، فإن الحب الذي تتحدث عنه الآية ليس الحب الداخلي الانفعالي الذي يتحرك في الجانب الشعوري العاطفي للإنسان ، لأن الجوّ هنا هو جوّ الحديث عن الخطوات العملية التي تحكم حياتهم ، بل الظاهر أن المراد من الحب هو الحب العملي ـ إن صح التعبير ـ وهو الذي يتمثل بالاتّباع والتأييد والمشاركة والطاعة لما يريدون ولما يخططون من دون قيد أو شرط ، تماما كما هي الحال في محبة الإنسان لله بمعنى طاعته المطلقة ، وذلك هو التطبيق العملي للإشراك بالله ، لأن مثل هذه الإطاعة التي لا تنبغي إلا لله ، عند ما يقدمها الإنسان لغيره بالمستوى ذاته ، فمعنى ذلك أنه قد جعل ذلك المطاع ندّا ونظيرا لله في ما يمثله ذلك من إخلاص العمل ، وهذا هو الشرك الواقعي الذي لا يرتبط بتعدد الآلهة على مستوى العقيدة الإلهية ، بل يتصل بتعددها على مستوى الطاعة ، انطلاقا من العوامل الذاتية المتصلة بالشهوات والأطماع والمنافع التي يحصلون عليها لدى هؤلاء ، أو التي يأملون الحصول عليها منهم.
* * *
معنى الحب لله في القرآن
وهنا يلتفت القرآن في عملية مقارنة سريعة بين هؤلاء وبين المؤمنين ،