الذي ينافي التوحيد ، ومن كل القذارات (١) المادية والمعنوية والقولية التي تتنافى مع أجواء العبادة. والمقصود من هذا العهد الإلهي لهما أن يؤسساه على الطهارة الكاملة (لِلطَّائِفِينَ) الذين يطوفون بالبيت ، (وَالْعاكِفِينَ) أو المعتكفين الذين يقومون بالمسجد ويلازمونه ويجاورون فيه للعبادة ، (وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) الذين يركعون ويسجدون لله في صلاتهم.
* * *
ربّ اجعل هذا البلد آمنا
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) الذي أراد للبيت أن يكون مركزا لبلد يسكنه الناس ويجتمعون فيه للحصول على ضروراتهم العامة والخاصة ، (رَبِّ اجْعَلْ هذا) المكان الذي يضم البيت الحرام (بَلَداً آمِناً) ، يعيش الناس فيه الأمن والطمأنينة ، (وَارْزُقْ أَهْلَهُ) المقيمين فيه (مِنَ الثَّمَراتِ) التي يحتاجون إليها في غذائهم ، (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، من هؤلاء الذين أخلصوا لله إيمانهم وانفتحوا عليه وعاشوا الاستعداد للّقاء به في اليوم الآخر الذي يخضعون فيه للحساب ، لأن الكافرين لا يستحقّون الخير الإلهي. ولكن الله الذي استجاب له دعاءه ، أعلن له أن الرزق الذي يمثّل متاع الحياة الدنيا لا يختص بالمؤمنين فقط ، بل يشمل الكافرين ، (قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً) مما أرزقه من متاع الحياة الدنيا في حاجاته المادية والمعنوية ، لأني أعطي الناس جميعا ما يحتاجونه في وجودهم الدنيوي ، سواء المؤمن والكافر ، والمطيع والعاصي ، لأن الدنيا
__________________
(١) في الكافي عن الصادق عليهالسلام قال : إن الله عزوجل يقول في كتابه : (طَهِّرا بَيْتِيَ ...) فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلّا وهو طاهر قد غسل عرقه والأذى وتطهر. والظاهر أن هذا من باب الاستيحاء. [الكليني ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، دار الكتب الإسلامية ، طهران ، ج : ٤ ، ص : ٤٠٠ ، رواية : ٣].