إن هذه الرحمة التي تعبر عن عمق المعاني الإنسانية للشريعة لا تتناسب مع عقوبة الإعدام للقاتل ، بل المناسب أن يفتح أمامه باب العفو والتسامح والتراجع عن الخطأ.
* * *
مناقشة هذه الشبهات
لعل هذه النقاط من أبرز الأمور التي أثيرت حول الموضوع ، أمّا تعليقنا عليها فبتأكيد عدة ملاحظات :
١ ـ إن الكثير من هذه الأفكار كان نتيجة للتربية الفردية الخاضعة للفكر الرأسمالي الذي يستغرق في الفرد ليعتبره كل شيء ، فهو الأساس الذي يحصل المجتمع على سلامته وتطوره من خلاله ، وبذلك كان التركيز على سلامة القاتل كفرد لا بد لنا من أن نحمي حياته ، أو كمريض لا بد لنا من معالجته ، أو كإنسان لا بد لنا من أن نرحمه. وتبقى النتائج العملية الخطيرة التي تنعكس على حياة المجتمع من خلال تصرفات هذا الفرد وأمثاله ، تتفاعل من دون أن تثير اهتماما أو تحرك واقعا في مجال التشريع أو في مجال العمل.
٢ ـ إن الإسلام يتحرك في مفاهيمه وتشريعاته من موقع التفكير الإنساني الواقعي الذي يعمل على حماية الفرد ، حتى من نفسه ، وعلى حماية المجتمع ، حتى من أفراده ، فلم يترك للفرد الحرية حتى في مجال الإساءة إلى حياته الخاصة ، ولم يعط المجتمع حرية الاعتداء على الفرد. وعلى ضوء ذلك ، كان احترامه للفرد في المجالات التي لا تهدد المجتمع في سلامته ، لأن سلامة المجتمع أكثر أهمية من سلامة الفرد في حالات التزاحم ، وبذلك كان إعدام القاتل عقوبة ذات اتجاهين ، فهي من جهة ترتبط بحصر المشكلة في إطارها