وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة : ٤٥].
وقد أعطى الفكرة حجمها الطبيعي في تعليقه على قصة ابني آدم قابيل وهابيل في قوله تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) [المائدة : ٣٢].
فقد نستوحي منها أن القاعدة التي تحكم التشريع هي إبعاد الحياة عن مواقع الخطر ، فلا مجال للتلاعب بالحياة كمبدإ ، وذلك بالمستوى الذي يجعل الاعتداء على حياة الفرد اعتداء على حياة الناس كلّهم ، لأنه يمثل الاعتداء على المبدأ ، فلا فرق في قيمة الحياة وقدسيتها بين فرد وآخر ، كما أن الحفاظ على حياة الفرد يمثل في القيمة المحافظة على حياة الناس جميعا ، لأنه يمثل احترام الحياة كمبدإ مما يؤدي إلى امتداده في حياة الآخرين.
أما المسيحية فقد يخيّل للبعض أنها لا تعترف بالقصاص كمبدإ ، بل إنها شرعت بدلا منه العفو والتسامح ، فقد ورد عن السيد المسيح عليهالسلام أنه قال : «من ضربك على خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر» وقد نقل بعض المفسرين أن النصرانية قد فرضت الدية كفريضة حتمية بدلا من القصاص.
* * *
موقع العفو في المفهوم المسيحي للتشريع
ولكن هذه النسبة غير دقيقة في ما نظن ، لأن الحديث عن التسامح والعفو في المسيحية لم ينطلق ليكون قاعدة وحيدة في التعامل الاجتماعي مع