ولا بد في القتل الذي يستوجب القصاص من أن يكون القتل عمدا بحيث يقدم القاتل عليه قاصدا له ، سواء كان قاصدا للفعل القاتل والقتل ، أو كان قاصدا للفعل القاتل وإن لم يقصد القتل بعنوانه ، كمن طعن إنسانا في قلبه ، ولكنه لم يقصد قتله ، فإن طبيعة السبب القطعي للموت تمثل قصدا للقتل بشكل ذاتي من خلال ما يختزنه الفعل في علاقة السبب بالمسبب.
(الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) ، فهذا هو الخط القانوني الذي يراعي التماثل في الخصوصيات الإنسانية بحسب التعدد في مفردات التشريع وخطوطه في هذا الجانب بعيدا عن المسألة الطبقية أو الانتقاص من إنسانية الإنسان في معناه الإنساني ، (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) فالمرأة تقتل بالمرأة ، وفي الآية إيحاء خفي بأن الحر لا يقتل بالعبد ، وأن الرجل لا يقتل بالمرأة ، ولكنه ليس صريحا في ذلك ، ولهذا انطلق بعض المفسرين ليستفيدوا حكم التخالف في الصفة ، في الحرية والعبودية والذكورة والأنوثة من أدلة أخرى من السنّة أو الإجماع ، وقد نقل الخلاف فيه بين المسلمين ، فقال مالك والشافعي وابن حنبل إن الحر لا يقتل بالعبد. وقال أبو حنيفة : بل يقتل الحر بعبد غيره ولا يقتل بعبده ، واتفق الأربعة على أن الرجل يقتل بالمرأة وبالعكس ، وقال الإمامية : إذا قتل الحر عبدا لا يقتل به ، بل يضرب ضربا شديدا ، ويغرم دية العبد ، وإذا قتلت المرأة رجلا عمدا كان ولي المقتول بالخيار بين أن يأخذ منها الدية إن رضيت هي ، وبين أن يقتلها ، فإن اختار القتل فلا يغرم أهلها شيئا وإذا قتل الرجل امرأة كان وليها بالخيار بين أن يأخذ الدية إن رضي القاتل وبين أن يقتله الولي ، على أن يدفع لورثة القاتل نصف دية الرجل خمسمائة دينار.
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) وهذا هو السلوك البديل الذي شجع عليه القرآن بطريقة الإيحاء ، وهو عفو