للمناقشة ، وسنتعرض له في تفسيرنا لتلك الآية إن شاء الله تعالى.
٢ ـ إن الآية تؤكد إفساح المجال للعفو عن القاتل من قبل وليّ المقتول ، وتعتبر العفو ملزما له في نطاق العلاقة المرتكزة على المعروف والوفاء بالحق الذي يتمثل بالدية ليؤدي إليه بإحسان ، فلا يجوز له العودة إلى المطالبة بحقه بالقصاص لأن الحق قد سقط بالعفو فلا يرجع من جديد ، فإذا عاد ولي القتيل للانتقام فإنه يعتبر قاتلا معتديا ، ويستحق العذاب الأليم في الدنيا والآخرة .. وتشير الآية الكريمة إلى أن تشريع العفو في موقع تشريع القصاص ، تخفيف من الله لعباده ، ورحمة بهم حيث لم يحصر التشريع في زاوية ضيقة لا يملك الإنسان معها أمر التحرك بمرونة.
* * *
بين القصاص والعفو
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) فقد فرضه الله عليكم قانونا يحفظ لكم قوة احترام حياتكم ليخلصكم من شريعة الغاب التي تتحول الحياة معها إلى فوضى لا يأمن الإنسان فيها على حياته ، أو يعيش الناس بعيدا عن الضوابط القانونية في شريعة الأخذ بالثأر التي قد يقتل فيها أولياء المقتول عددا كبيرا من الناس لا سيّما إذا كان المقتول شريفا في الموقع الاجتماعي ، وكان القاتل وضيعا حيث لا يرضى الأولياء بأن يكون القاتل بدلا من القتيل ، وربما أدّى الواقع غير المتوازن إلى حروب طاحنة بين القبائل يسقط فيها الكثير من القتلى ، الأمر الذي يجعل إيجابيات هذا التشريع أكثر من سلبياته ، بينما تكون السلبيات في إهماله وإلغائه كبيرة جدا ، فلا تمثل الإيجابيات أمامها شيئا.