(لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ) هو الجنة فيها ما يحبونه. (وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ) بأحوالهم وأحوال معادهم. (حَلِيمٌ) لا يعاجل في العقوبة.
(ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (٦٠)
(ذلِكَ) أي الأمر ذلك. (وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) ولم يزد في الاقتصاص ، وإنما سمي الابتداء بالعقاب الّذي هو الجزاء للازدواج أو لأنه سببه. (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) بالمعاودة إلى العقوبة. (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) لا محالة. (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) للمنتصر حيث اتبع هواه في الانتقام وأعرض عما ندب الله إليه بقوله: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وفيه تعريض بالحث على العفو والمغفرة ، فإنه تعالى مع كمال قدرته وتعالي شأنه لما كان يعفو ويغفر فغيره بذلك أولى ، وتنبيه على أنه تعالى قادر على العقوبة إذ لا يوصف بالعفو إلا القادر على ضده.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٦١) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)(٦٢)
(ذلِكَ) أي ذلك النصر. (بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) بسبب أن الله تعالى قادر على تغليب الأمور بعضها على بعض ، جار عادته على المداولة بين الأشياء المتعاندة ومن ذلك إيلاج أحد الملوين في الآخر ، بأن يزيد فيه ما ينقص منه ، أو بتحصيل ظلمة الليل في مكان ضوء النهار بتغييب الشمس وعكس ذلك باطلاعها. (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع قول المعاقب والمعاقب. (بَصِيرٌ) يرى أفعالهما فلا يهملهما.
(ذلِكَ) الوصف بكمال القدرة والعلم. (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) الثابت في نفسه الواجب لذاته وحده ، فإن وجوب وجوده ووحدته يقتضيان أن يكون مبدأ لكل ما يوجد سواه عالما بذاته وبما عداه ، أو الثابت الإلهية ولا يصلح لها إلا من كان قادرا عالما. (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) إلها ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو بكر بالتاء على مخاطبة المشركين ، وقرأ بالبناء للمفعول فتكون الواو لما فإنه في معنى الآلهة. (هُوَ الْباطِلُ) المعدوم في حد ذاته ، أو باطل الألوهية. (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ) على الأشياء. (الْكَبِيرُ) على أن يكون له شريك لا شيء أعلى منه شأنا وأكبر منه سلطانا.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (٦٣) لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٦٤)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) استفهام تقرير ولذلك رفع. (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) عطف على (أَنْزَلَ) إذ لو نصب جوابا لدل على نفي الاخضرار كما في قولك : ألم تر أني جئتك فتكرمني ، والمقصود إثباته وإنما عدل به عن صيغة الماضي للدلالة على بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان. (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) يصل علمه أو لطفه إلى كل ما جل ودق. (خَبِيرٌ) بالتدابير الظاهرة والباطنة.
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) خلقا وملكا. (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُ) في ذاته عن كل شيء. (الْحَمِيدُ) المستوجب للحمد بصفاته وأفعاله.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى