وأما كونه أول من سماه مصحفا ، فهذا كذلك ليس صريحا في حقه ، وإن كان لا يمنع فقد روى «ابن أشتة» في كتابه (المصاحف) عن طريقه تسميته مصحفا.
قال «ابن أشتة» : عن ابن شهاب قال : «لما جمعوا القرآن فكتبوه على الورق ، قال أبو بكر : التمسوا له اسما. فقال بعضهم : «السفر» قال ذلك تسمية اليهود. فكرهوا ذلك. وقال بعضهم : فإن الحبشة يسمون مثله «المصحف» فاجتمع رأيهم على أن سموه «المصحف» (١).
فمن هنا يظهر أن التسمية كانت بعد تمام الجمع وباتفاق الجميع.
أما زعمهم أن الجامع هو الحجاج بن يوسف الثقفي والي العراق في عهد الخليفة الأموي. فهو مما يرده التاريخ والروايات الصحيحة لأن الجمع تم كما ذكرت في عهد أبي بكر بإشارة من عمر وبعمل من زيد بن ثابت وبمساعدة عمر وبعض الصحابة معه ـ رضوان الله عليهم ـ.
أما عمل الحجاج فكان مجرد رد بعض الأحرف إلى مكانها عند ما دخلها اللحن. وقد ذكر ابن أبي داود الأحرف التي أعادها الحجاج لما كانت عليه في كتابه «المصاحف» (٢) وقد سبق ذكرها.
وقام بإدخال تحسينات على المصحف لتلاشي الخطأ في كتاب الله سبحانه كالإعجام. فألف لذلك لجنة وأمر بعض العلماء بتولي هذا الأمر العظيم وكان ذلك بأمر من أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان الذي كان الحجاج أحد ولاته وبقي هذا الحال للمصحف ليومنا هذا.
أما زعم «بلاشير» أن أول من جمع القرآن علي بن أبي طالب. استند «بلاشير» في قوله هذا على رواية ابن أبي داود في كتابه المصاحف حيث روى
__________________
(١) انظر صحيح البخاري بشرح فتح الباري ٩ / ١٤ كتاب فضائل القرآن.
(٢) انظر مباحث في علوم القرآن للشيخ مناع القطان ص ٧٨.