قال الإمام الطبري : (أما الزيادة في القرآن فمجمع على بطلانها وأما النقصان فهو أشد استحالة) (١).
١ ـ فالناظر لما زعموه من كون دعاء القنوت قرآنا أمر غير مسلم به ترده حقائق العلم الثابتة والروايات الصحيحة المنسوبة إلى أبي بن كعب كما ذكر ذلك عنه أبو الحسن الأشعري ـ رحمهالله ـ حيث قال : (قد رأيت أنا مصحف أنس بالبصرة عند قوم من ولده ، فوجدته مساويا لمصحف الجماعة ، وكان ولد أنس يروي أنه خط أنس وإملاء أبي) (٢).
وكتابة أبي لهذا الدعاء لو صحت لا يدل على قرآنيتها لأن مصاحف الصحابة لم تكن قاصرة على المتواتر من القرآن فقط بل كان بعضها مشتملا على الآحادي منه ، وعلى منسوخ التلاوة ، وعلى بعض التفسيرات والتأويلات والأدعية ، وعلى بعض المأثور ومن ذلك هذا الدعاء الذي يقنت به بعض الأئمة في الوتر فلعله إذا أثبته على أنه دعاء لا استغناء عنه.
٢ ـ كما أن الناظر لدعاء القنوت يجده مباينا لنظم سائر القرآن ولا يعدو أن يكون من معدن أقوال الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
٣ ـ والمعروف أن أبيا كان من أقرأ علماء الصحابة وقد ذكره الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من ضمن الأربعة الذين حض على أخذ القرآن عنهم وذلك بقوله : «خذوا القرآن من أربعة .. وأبي بن كعب».
لذا لا يمكن لمن كانت هذه منزلته ومكانته العلمية ومعرفته الكبيرة بكتاب الله عزوجل أن يجهل كون دعاء القنوت ليس قرآنا. ولكني أريد أن أبين صفة كان أبي يمتاز بها أنه كان إذا سمع شيئا من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لا يرجع عنه حتى لو أخبره غيره أن تلاوته نسخت. قال عبد الله بن عباس ـ رضي الله
__________________
(١) انظر شبهات مزعومة حول القرآن الكريم ـ القمحاوي ص ١٥٠.
(٢) نكت الأنصار لنقل القرآن الباقلاني ص ٨١.