أما الحديث القدسي :
فهو ما كان لفظه من عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ومعناه من عند الله تبارك وتعالى ، بالإلهام أو المنام ، وقد يكون بوحي جلي ، أي ينزل به الملك من عند الله تعالى بلفظه ، في حين أن الأحاديث القدسية لا تنحصر في كيفية من كيفيات الوحي. بل يجوز أن ينزل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم ، والإلقاء في الروع ، وعلى لسان الملك. ويجوز روايته بالمعنى لأن لفظه من الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولا يجزئ في الصلاة ، بل يبطلها.
أما الحديث النبوي الشريف :
فهو قول رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو فعله أو إقراره ، وهو لفظا ومعنى من الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ فهو لا يقول إلا حقا وباجتهاده ولكنه لا يقر على اجتهاد خطأ. فهو إذن قد يكون بوحي أو باجتهاد منه (١) قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ :
«إلا إني أوتيت الكتاب ومثله معه» (٢).
فالعاقل من يمسك عن كنه الوحي لأن ذلك لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى والتفكير في ذلك سيوصل الإنسان إلى ما وصل إليه الجاهليون من قبل لما أعياهم التفريق بين الذات الملقية والذات المتلقية. فردوا مصدر القرآن لرؤى النائم أو شطحات المجنون ، أو افتراءات المختلق ، وتخرصات الكذوب.
ثم تحداهم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن أو ببعضه ، فعجزوا وسلموا عجزا وضعفا مع بذلهم كامل الجهد. وكلما تقدم العصر وأهله سلّم العلم وأهله بحقائقه لهذا القرآن العظيم قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ)(٣).
__________________
(١) انظر : أصول الحديث د / محمد عجاج ص ٢٩ ـ ٣٠.
(٢) انظر سنن ابن ماجة الجزء (٢) حديث ٢٤٤٢.
(٣) سورة فصلت : ٥٣.