ويرد ذلك الوقوف على سيرته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعلى كيفية نزول الوحي عليه.
فالواقف على ذلك يجد أن الوحي كان يأتي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في أوقات عدة وبأشكال مختلفة فقد كان يأتيه في ظروف اعتيادية ، ويقطعه في ظروف عصيبة وهو بأشد الحاجة إليه. فكل ذلك يدل على أن الوحي خارج عن ذاته وليس له فيه أدنى تدخل. فها هم المنافقون يخوضون في عرضه الشريف في قصة الإفك التي افتريت ضد زوجته المصون ويشتد الأمر عليه ويتمنى لو يجد شيئا يقوله ليبرئ زوجته أو يثبت ما يقولونه فيرتاح مما هو فيه ولكن الأمر ليس بيده ، ولم يستطع أن يقول شيئا حتى نزل من صاحب هذا القرآن وهو الله سبحانه ما يبرئ هذه الزوجة الطاهرة النقية ويرد كيد المنافقين.
وما حصل معه في سؤال المشركين له عن ثلاثة الأسئلة المذكورة في قصة أهل الكهف وقد ذكرت القصة بطولها أثناء ردي على الشبهة الأولى مما بينت أن الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يستطع أن يأتيهم بجواب حتى خاض المشركون في أمر الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما طاب لهم من قول حتى نزلت الإجابة من السماء.
كل ذلك يؤكد أن الوحي أمر خارج عن إرادة نبينا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعن رغبته وأنه ما كان يظهر عليه أثناء نزول الوحي عليه أثر للانفعالات الطاغية المزعومة عند «نولديكه» فقد كان يأتيه أحيانا بصورة رجل كبقية الرجال حتى أنه لا يستطيع أن يميز جبريل ـ عليهالسلام ـ أحد من الحاضرين إلا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيدارس الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قواعد الإسلام وأصوله كما حصل فيما رواه «عمر» في حديثه الطويل. كما أنه أحيانا كان ينفث في روعه شيئا من أمور الإسلام.
وأشد ما كان يلاقيه عند نزول جبريل ـ عليهالسلام ـ بصوت كصلصلة الجرس وهذا الصوت كان يثير في رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عوامل الانتباه فتهيأ نفسه بكل قواها لتلقي القول الثقيل الذي جاء به من الله ـ سبحانه وتعالى ـ وهذه الكيفية شدتها ناتجة لما يحصل من ممازجة جبريل ـ عليهالسلام ـ لروح محمد ـ