وبعد ذلك حكم «يوشيا» الذي رجع لاتباع التوراة وبعد سبعة عشر عاما من حكمه زعم كاهنه «حوقيا» أنه وجد نسخة التوراة في بيت المقدس بطريق الإلهام ، وأعطاها «شافات» الكاتب.
وهذا يدل على بطلان هذا الزعم لأنه لا يعقل أن توجد نسخة التوراة في بيت المقدس سبعة عشر عاما ولا يراها أحد حتى يكتشفها «حوقيا».
لذا يرى الباحثون أن «حوقيا» قام بكتابة أسفار التوراة من اختراعاته ومما سمعه من أفواه الناس. حتى قال «ول ديورانت» : لم يبق لدينا من شريعة موسى سوى الوصايا العشر(١).
بل نفس التوراة الحالية تدل على أنها ليست لموسى ـ عليهالسلام ـ فقد جاء في سفر التثنية : [فمات هناك موسى عبد الرب في أرض مؤاب حسب قول الرب ، ودفنه في الجواء في أرض مؤاب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم](٢).
هذا الكلام منقول في سفر منسوب إلى موسى ـ عليهالسلام ـ فليس من المعقول أن يكتب هذا موسى عن نفسه.
وجاء في نفس السفر [ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى](٣). ومن الواضح أن مثل هذه العبارة لا تقال إلا بعد موت موسى بزمن ليس بالقصير (٤).
والأمثلة غير هذه كثيرة.
وإذا تركنا أسفار موسى ونظرنا في بقية أسفار العهد القديم نجد نفس النتيجة
__________________
(١) قصة الحضارة ٢ / ٢٧١ ، نقلا عن اليهودية للأستاذ شلبي ص ٢٥١.
(٢) سفر التثنية الإصحاح الرابع والثلاثون ـ الفقرة (٥ ـ ٦).
(٣) نفس المرجع فقرة (١٠).
(٤) كتاب اليهودية ـ للأستاذ شلبي ص ٢٥٢.