قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)(١).
والمسلمون يمتازون عن بقية الأمم بتعظيمهم رسل الله ـ عليهمالسلام جميعا ـ ويثبتون في حقهم علو الفطرة ، وصحة العقول ، والصدق في القول ، والأمانة في التبليغ ، والعصمة من كل ما يشوه مسيرتهم ، وسلامة أبدانهم مما تنبو عنه الأبصار ، وتنفر منه الأذواق السليمة ، فهم بشر كبقية خلق الله ميزوا عليهم برسالاته ، وأيدوا بمعجزاته لإثبات صدقهم وتأييدهم في دعواتهم. هذا هو موقف المسلمين من رسل الله ـ عليهمالسلام ـ.
أما موقف اليهود والنصارى فكان على عكس هذا من التشنيع على أنبيائهم ، ونسبة ما لا ينبغي في حقهم ، وإيذائهم بالسب والطعن والقتل وخاصة اليهود الذين لم يقف أمرهم مع أنبيائهم إلى هذا الحد بل تعداه لما هو أعظم أن تعدوا على مقام الله ـ عزوجل ـ فهم يعاملوه كبشر بل جعلوا سلطة حاخاماتهم أقوى من سلطته سبحانه.
كما أن اليهود وقفوا من الإنسانية جمعاء موقف العداء والتحقير واعتبروا أنفسهم شعب الله المختار للسيادة والحكم وتسخير كل ما في الكون له.
فقد زعموا أن إسرائيل سأل إلهه : [لما ذا خلقت خلقا سوى شعبك المختار؟! فقال له : لتركبوا ظهورهم ، وتمتصوا دماءهم ، وتحرقوا أخضرهم ، وتلوثوا طاهرهم ، وتهدموا عامرهم](٢).
لذا جاء القرآن الكريم ليضع تقريراته الإلهية اليقينية في بيان الشخصية اليهودية خير بيان.
١ ـ فقد بين الله سبحانه إلحاد اليهود في عقائدهم بدءا من موقفهم من الله
__________________
(١) سورة المائدة الآية : ٤٨.
(٢) انظر سفر المكابيين الثاني (١٥ ـ ٣٤) نقلا عن كتاب معركة الوجود بين القرآن والتلمود ص ٣٥.