وسأذكر بعض تناقض الأناجيل في هذه القصة لأبين أن هناك أكثر من ناحية ترد هذه العقيدة الباطلة.
فمن ناحية النصوص هي مردودة لاضطراب الأناجيل والكتب النصرانية فيها. من ذلك :
١ ـ جاء في إنجيل متى أنهم أعطوه خلا ممزوجا بمرارة في موضع يقال له : جلجثة وهو المسمى موضع الجمجمة. بينما إنجيل مرقس يرى أنهم أسقوه الخل وهو مصلوب في الساعة التاسعة (١).
كما أنه معروف من سيرته ـ عليهالسلام ـ أنه كان يصبر عن الجوع والعطش أربعين فكيف هذا وهنا لم يصبر من الصباح للمساء؟!.
٢ ـ ذكر إنجيل مرقس أن عيسى ـ عليهالسلام ـ صرخ بصوت عظيم وهو مصلوب قائلا الوي .. الوي .. لما شبقتني؟. الذي تفسيره (إلهي .. إلهي .. لما ذا تركتني؟) (٢).
هذه العبارة تقتضي عدم الرضا بالقضاء وعدم التسليم لأمر الله تعالى مع أنه ـ بزعمهم ـ أنه جاء ليفدي البشرية من عذابها ووصمة الخطيئة. وهذا يتنزه عنه مقام النبوة ولا يقبل في حق هذا النبي ـ عليهالسلام ـ الذي هو من أولي العزم من الرسل.
٣ ـ ذكر إنجيل متى : أن يهوذا الأسخريوطي أخذ ثلاثين من الفضة ليسلمه لهم ويدلهم عليه (٣) مع أن نفس الإنجيل ذكر أنه كان يخالطهم في مجامعهم وهياكلهم ويناظرهم حتى كانوا يقولون : أليس هذا ابن يوسف؟ أليست أمه
__________________
(١) انظر إنجيل متى الإصحاح السابع والعشرون فقرة ٣٢ ـ ٣٥. وإنجيل مرقس الإصحاح الخامس عشر فقرة ٣٣ ـ ٣٦.
(٢) إنجيل مرقس ـ الإصحاح الخامس عشر فقرة ٢٤.
(٣) إنجيل متى الإصحاح الخامس والعشرون فقرة ١٤ ـ ١٦.