الطفل ، ثم حضر المرتاب إليه ليسمع ما يصدق الخبر وجد الطفل لا حول له ولا قوة وهو في مهده وهكذا كان هذا سببا من أسباب صمتهم عن ذكر نطقه ـ عليهالسلام ـ في المهد فلما كان وقت كتابة الأناجيل كانت تلك الحادثة قد ضاعت في طوفان الأحداث التي اتصلت بحياة المسيح ـ عليهالسلام ـ والتي انتهت كما هو معلوم بمطاردته لقتله لو لا أن نجاه الله سبحانه وتعالى (١) وقد ذكر القرآن الكريم كلام عيسى ـ عليهالسلام ـ في المهد بقوله : (.. فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي (٢) إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا. فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا. يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا. فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا. قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا. وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا. وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)(٢).
كما ذكرت الأحاديث النبوية الصحيحة كلام عيسى عليهالسلام في المهد.
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى ، ثم ذكر قصة جريج ، وقصة المرأة من بني إسرائيل التي تمنت أن يكون ولدها مثل ذي الشارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله ، فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله. ثم أقبل على ثديها يمصه .. ثم مر بأمة : فقالت [أي أمه] : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها فقالت : لم ذاك فقال : الراكب جبار من الجبابرة ، وهذه الأمة يقولون سرقت ، زنت ، ولم تفعل) (٣).
وروى ابن عباس أن من تكلم في المهد أربعة وهم صغار :
__________________
(١) انظر رسالة (ميلاد عيسى عليهالسلام) لزميلي مسعود الغامدي ص ٥١٦ ـ ٥١٩. وانظر المسيح في القرآن والإنجيل عبد الكريم الخطيب ص.
(٢) سورة مريم : (٢٦ ـ ٣٣).
(٣) انظر صحيح البخاري كتاب الأنبياء ٦ / ٤٧٦.