وقد فصلت هذا الأمر ورددت عليه في الشبهة الثانية من المصدر الأول فيرجع إليه.
ولكني أريد أن أوضح هنا أمرا مهما وهو أن المعروف أن الحج عند المسلمين يتم في مكة المكرمة وطوافهم بالكعبة وما يقدمونه من قرابين (الهدي) هو لله سبحانه خالصا دون سواه. وقد رخص الأكل منها.
أما عند الصابئة فحجهم يتم بحران بالعراق وليس حول الكعبة (١) وقبلتهم الثابت بشأنها أنها قبل الشمال باتجاه النجم القطبي ؛ وذلك لثبوته في محله وعدم تحركه (٢).
أما بالنسبة لقرابينهم فكانت تذبح لآلهتهم المزعومة من الكواكب كذبحهم للزهرة ولزحل .. إلى غير ذلك.
وكانت سنّتهم في قرابينهم أن تحرق تماما ، ولا يؤكل منها شيء ، وكان بعضهم يقول إذا قرب باسم الباري كانت دلالة القربان ردته لأنه عندهم تعدى إلى أمر عظيم وترك ما هو دونه لما جعله متوسطا في التدبير والذي يذبح للقربان الذكور دون الإناث. ومن يقدم القربان لا يدخل الهياكل ذلك اليوم.
وللقربان أربعة أوقات في الشهر : الاجتماع ، والاستقبال ، وسبعة عشر وثمانية وعشرون (٣).
في حين أن القربان في الإسلام لا يقبل إلا إذا ذبح لله تعالى ويحرم أكله إذا ذكر عليه غير اسمه سبحانه ، كما أنه يذبح في أي وقت من أوقات السنة ، سواء كانت الذبائح ذكورا أم إناثا. ولا يمنع ذبح القربان من دخول أماكن العبادة في الإسلام. والذبيحة عندنا لا تحرق بل تؤكل ولا حرج في ذلك ومن هنا يظهر
__________________
(١) انظر مدخل القرآن الكريم ص ١٣٣ نقلا عن كتاب ج. سال (ملاحظات تاريخية ونقدية عن الإسلام ص ٣٠ ـ ٣١ ، ودائرة المعارف الإسلامية باللغة الفرنسية (مادة صبأ).
(٢) انظر الموجز في تاريخ الصابئة ص ٣٦ ، والفهرست لابن النديم ص ٤٤٢.
(٣) انظر الفهرست لابن النديم ص ٤٤٣.