فهل بقي بعد هذا البيان شبهة إلا في أذهان خربة ونفوس حاقدة على الإسلام وأهله تزعم أن استلام الحجر وتقبيله من بقايا الوثنية التي أبقاها محمد في تشريعاته.
وزعم «سال» أن مما أخذ الإسلام من موروثات الجاهلية الاعتقاد بالجن مما يدل على أن الإسلام صورة عن الجاهلية (١).
الجواب :
عرف العلماء الجن : بأنها أجسام هوائية وهبها الله قدرة على التشكل بأشكال مختلفة ، منهم من يظهر على شكل حيوانات متنوعة ، لهم عقول وأفهام ومقدرة على الأعمال الشاقة ، يأكلون ويشربون ويتناكحون ويتناسلون ... وهم خلاف الإنس.
وعرفها بعض العلماء : بأنها حيوان ناري شفاف الجرم (٢).
ووجودهم حقيقة ثابتة لا ينكرها أو يشك بها عاقل فليس عدم رؤيتها دليل على إنكارهم لها ، فكم من أشياء حول الإنسان وهو لا يراها ، كالهواء والإشعاعات ، والجاذبية الأرضية ، والتيار الكهربائي ، والمجالات المغناطيسية ، والموجات الصوتية ، إلى غير ذلك من الموجودات غير المرئية.
فمذهب أهل السنة والجماعة وأهل الكتاب ، ومشركو العرب ، وجمهور الكنعانيين واليونانيين والرومان والهنود القدماء الإقرار بوجود الجن.
ولم ينكر وجودهم إلا أكثر الفلاسفة وجماعة من القدرية والمعتزلة والجهمية ، وكافة الزنادقة قديما وحديثا (٣).
__________________
(١) مذاهب التفسير الإسلامي ـ جولد تسيهر ١٦٥.
(٢) حقيقة الجن والشياطين ـ محمد السيدابي ـ دار الحارث السودان / ط ١ ، ١٤٠٧ ه ١٩٨٧ م ص ٩.
(٣) عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة ـ عبد الكريم عبيدات ، طبعة دار ابن تيمية ـ الرياض ص ٩٢ وما بعدها.