علمتُ أنّ الذي أكرمني بهذا ليس ينساني ، فأحببت لقاءه (١).
وقد رسم لنا الحديث الشريف الترجمة العمليّة للقاء الله تعالى : قال تعالى : يا أحمد ، ليس كلّ من قال : أُحبُّ اللهَ ، أحبّني ، حتّى يأخذَ قوتاً ، ويلبس دوناً ، وينام سجوداً ، ويطيل قياماً ، ويلزم صمتاً ، ويتوكّل علَيّ ، ويبكي كثيراً ، ويُقلَّ ضحكاً ، ويخالف هواه ، ويتّخذ المسجد بيتاً ، والعلم صاحباً ، والزهد جليساً ، والعلماء أحبّاء ، والفقراء رفقاء ، ويطلب رضاي ويفرَّ من العاصين فراراً ، ويُشغَل بذكري اشتغالاً ، ويُكثر التسبيح دائماً ، ويكون بالعهد صادقاً ، وبالوعدِ وافياً ، ويكونَ قلبه طاهراً ، وفي الصلاة زاكياً ، وفي الفرائض مجتهداً ، وفيما عندي من الثواب راغباً ، ومن عذابي راهباً ، ولأحبّائي قريناً وجليساً (٢).
وأختم هذا المبحث بتدوين رائعة من روائع آل محمّد صلى الله عليه وآله ، ألا وهي مناجاة المحبّين للإمام السجّاد عليّ بن الحسين عليه السلام :
إلهي مَن ذَا الذي ذاقَ حلاوةَ مَحبّتك فرامَ مِنك بَدَلاً ، ومَن ذَا الذي أَنِس بِقُربِك فابتغى عنك حِوَلاً.
إلهي ، فاجعَلْنا مِمّن اصطفيتَه لِقُربك وولايتِك ، وأخلَصْتَه لودِّك ومحبّتك ، وشوّقتَه إلى لقائِك ، وَرَضَّيتَه بقضائِك ، ومنَحْتَه بالنظر إلى وجهِك ، وحَبَوتَه برضاك ، وأعَذْتَه مِن هَجْرِك وقِلاك ، وَبوّأتَه مقعدَ الصِّدق في جِوارك ، وخصَصْتَه بمعرفتِك ، وأهّلْتَه لعبادتِك ، وهَيّمت قلبَه لإرادتِك ، واجتَبَيتَه لمُشاهدتِك ، وأخلَيتَ وجهَه لك ، وفرّغتَ فؤادَه لحبِّك ، ورغّبتَه فيما عندَك ، وألهمتَه ذِكرَك ، وأوزَعْتَه شُكرَك ، وشَغَلتَه بطاعتِك ، وصيّرتَه مِن صالِحي بَريّتِك ، واختَرتَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ التوحيد للصدوق : ٢٨٨ / ح ٦.
٢ ـ بحار الأنوار ٧٤ : ٣٠ / ح ٦ ـ عن : إرشاد القلوب : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ، الباب ٥٤.