المبحث العاشر : المعرفة والهداية والفطرة والعقل
قال عليه السلام : يا ربِّ يا ربِّ يا ربِّ ... بِكَ عَرَفْتُكَ ، وَاَنْتَ دَلَلْتَني عَلَيْكَ ، وَدَعَوْتَني اِلَيْكَ ، وَلَوْلا اَنْتَ لَمْ اَدْرَ ما اَنْتَ.
يتوجّه الداعي مخاطباً ربّه باعتباره المالك المطلق المدبّر لأمر مملوكه ، فالربوبيّة هي الملك مع التدبير ، ومن كانت هذه صفته استحقّ الطاعة والعبادة التي هي من سمات الأُلوهيّة له وحده دون غيره.
ولمّا كانت جميع الموجودات مملوكة لله ، وتستمدّ وجودها ونظام حياتها حدوثاً وبقاءً من الله ، فإنّنا نحكم بأن لا ربوبيّة لها لمكان احتياجها ونقصها ؛ إذن فهي أرباب مزيّفة وآلهة مصطنعة رسمها الخيال الفاسد.
فالله هو الذي خلق الكون والحياة ، وهو الذي خلق الشمس والقمر والنجوم ، ودبّر أمر حركتها وسيّرها وفق السنن المرسومة.
وهو الله ينزّل من السماء ماءً بِقَدَر ، وهو الذي يخرج الزرع والشجر ، وهو الذي خلق الإنسان وجعل له الحواسّ والأعضاء التي بها قضاء متطلّبات حياته ، وهو الذي خلق البحار والأنهار والهواء بتقديراتٍ تناسب حياة المخلوقات.
وذلك التدبير لا يشاركه فيه أحد ، لذلك لا يستحقّ العبادة والطاعة غيره ، أمّا الأفكار الساذجة المنحرفة عن جادّة العقل ومسار الفطرة فقد توجّهت إلى عبادة