المبحث الثامن والثلاثون : في الحياء
قال الراغب في «المفردات» : الحياء : انقباضُ النفس عن القبائح ، وتركُها ، قال الله سبحانه وتعالى : (إنّ الله لا يستحيى أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها) (١) ، وقال عزّ وجلّ : (والله لا يستحيي من الحق) (٢).
وروي أنّ الله تعالى يَستحْيي من ذي الشَّيبة المسلم أن يعذّبه ، فليس يراد به انقباض النفس ، إذ هو تعالى منزّه عن الوصف بذلك ، وإنّما المراد به ترك تعذيبه ، وعلى هذا ما رُوي : إنّ الله حييٌّ ، أي تارك للقبائح فاعل للمحاسن (٣).
وورد في «لسان العرب» للّغوي ابن منظور قوله : الحياء : التوبةُ والحِشْمَة ، وقد حَيِيَ منه حياءً ، واستحيا ، واستحى : حذفوا الياء الأخيرة كراهية التقاء الياءين ، والأخيرتان تتعدّيان بحرف وبغير حرف ، يقولون : استحيا منك ، واستحياك ، واستحى منك واستحاك ، قال ابن برّي : شاهد الحياء بمعنى الاستحياء قول جرير :
لولا الحياءُ لَهاجَني استعبارُ |
|
ولَزُرتُ قبرَكِ والحبيبُ يُزارُ |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ البقرة : ٢٦.
٢ ـ الأحزاب : ٥٣.
٣ ـ مفردات غريب القرآن : ١٠٤.