المبحث الرابع والعشرون : الآثار الوضعية للأعمال
قال عليه السلام : وَاَنَّ الرَاحِلَ اِلَيْكَ قَريبُ الْمَسافَةِ ، وَاَنَّكَ لا تَحْتَجِبُ عَنْ خَلْقِكَ إلّا اَنْ تَحْجُبَهُمُ الْاَعمالُ دُونَكَ.
هذه القطعة الرائعة الفيّاضة بالإشراق الروحيّ والشفّافيّة ، تشير إلى أنّ القرب الإلهي متحقّق لمن أراد أن يهاجر إلى ربّه ، فالله سبحانه أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد ، وأقرب إليه من نفسه. إنّ الإنسان أثر جميل من آثار الله وبديع صنعه ، فالله يحبّ آثار صنعه لأنّ فيها عين الحبّ لنفسه ، ولكن الابتعاد والإعراض هو المتحقّق من قِبل الإنسان ذاته ، فقربُ من الإنسان من الله هو القرب من رحمته ومن موجبات غفرانه وثوابه عن طريق الإخلاص والعبادة والإتيان بصالح الأعمال.
أمّا قرب الله من العبد ففي شموله بألطافه وبرّه وإحسانه ، وقد يُراد به القرب المعنويّ والروحانيّ ، وهو ما يحصل عليه العبد من أفعال الربوبيّة بالامتداد ، كالولاية التكوينيّة بما يناسب مقامه ودرجة قربه من الله عزّ وجلّ.
وقد ورد في الحديث القدسيّ : عبدي إطِعْني أجعلْك مثلي ، أنا مهما أشأْ يكن ، أجعلك مهما تشأْ يكن (١).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مشارق أنوار اليقين : ١٠٠ ، إرشاد القلوب : ٧٥ ـ الباب ١٨ ، عدّة الداعي : ٣١٠.