وقال سبحانه : ( بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) ( آل عمران / ١٥٠ ) (١).
وأمّا معناه فقد ذكر « ابن فارس » إنّ معنى ( الولي ) هو القرب ، يقال : « تباعد بعد ولي » أي قرب ، ويطلق « المولى » على المعتق ـ بالكسر ـ والمعتق والصاحب والحليف وابن العم والناصر والجار كل هٰؤلاء من الولي وهو القرب ... وفلان أولى بكذا أي أحرى به وأجدر.
والظاهر أنّ قرب أحد من أحد يكون سبباً لأولوّية أحدهما بالآخر ، وعلى ذلك فليس للمولى إلاّ معنى واحد وهو الأحرى والأجدر وله مصاديق مختلفة.
ثمّ إنّ بعض من تكلّم في مفاد « حديث الغدير » المشتمل على لفظ « المولى » أراد التشكيك في دلالته قائلاً بأنّ المولى يستعمل مضافاً إلى معنى « الأولى » و « الولي » في معان اُخرى ، كالرب والعم ، وابن العم والمعتِق ، والمعتَق والعبدُ ، والمالُ والحليفُ ، والجار والتابع و ...
وعند ذلك يكون الحديث غير صريح الدلالة ، وقد خفي عن المشكّك أنّه ليس للمولى إلاّ معنى واحد وهو الأولى الذي هو الولي بمعنى واحد ، وأمّا غيره فإنّما هو من مصاديقه وموارده ، وأوّل من نبّه بذلك « ابن البطريق » في عمدته (٢).
وتبعه شيخنا « الأميني » في غديره وبذلك خرج لفظ « المولى » عن كونه مشتركاً بين سبعة وعشرين معنى إلى كونه ذا معنى واحد ، قال « الأميني » : الذي نرتأيه بعد الخوض في غمار اللغة ومجاميع الأدب وجوامع العربية ، إنّ المعنى الحقيقي من معاني المولى ليس إلاّ الأولى بالشيء ، وهو الجامع لهاتيك المعاني جمعاء ومأخوذ في كل منها بنوع من العناية ، ولم يطلق لفظ المولى على شيء منها إلاّ
__________________
(١) لاحظ : البقرة / ٢٨٦ ، الأنفال / ٤٠ ، الأنعام / ٦٢ ، التوبة / ٥١ ، الحج / ٧٨ ، التحريم / ٢ و ٤.
(٢) راجع العمدة : ١١٢ ـ ١١٣.