قسّم بعض المتكلّمين صفاته سبحانه إلى ذاتية وخبرية ، والمراد من الاُولى أوصافه المعروفة من العلم والقدرة والحياة ، والمراد من الثانية ما أثبتته ظواهر الآيات والأحاديث له سبحانه وأخبرت عنها كالقدم والوجه واليدين والقدوم والنزول إلى غير ذلك ، وهذه الصفات قد أوجدت ضجّة كبرى بين المتكلّمين ، فقسّمتهم إلى طوائف مختلفة ، وسنبحث عن هذه الصفات في فصل خاص.
١٠ ـ تقسيمها إلى صفات اللطف والقهر
إنّ صفاته سبحانه تنقسم ـ حسب الظاهر ـ إلى صفات لطف وصفات قهر. فالمتبادر من الرحمن والرحيم والغفور والحليم ، يضاد المتبادر من القاهر والجبّار والمنتقم ، وقد ورد في الأدعية توصيفه ب « قاصم الجبارين » و « مبير الظالمين » ولكلّ مجال ومظاهر ، ولذلك عند ما يأمر بقطع يد السارق يصف نفسه بأنّه عزيز حكيم ، يقول سبحانه : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) ( المائدة / ٣٨ ). والمقام يناسب لأن يتجلّى سبحانه بأوصافه القهاريّة ، ولو قال مكانهما غفور رحيم لكان مخلاً بالبلاغة.
ولكنه سبحانه في المواضع التي تطلب بلاغة المقال يتجلى بوصف الرحمة والمغفرة و ... ولكن هذا التقسيم ، تقسيم ظاهري ، والكلّ مظاهر رحمته ومجالي رأفته ، ولأجل ذلك قال أهل المعرفة : « تحت كلّ لطف قهر وتحت كلّ قهر لطف ».
يقول سيد الموحّدين :
وكم لله من لطف خفى |
|
يدقّ خفاه عن فهم الذكي |
كيف وهو سبحانه يصف نفسه بقوله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) ( الأعراف / ١٥٥ ) وفي الدعاء المأثور عن أمير المؤمنين « يا من سبقت رحمته