تأثر يلمّ بالقلب عند مشاهدة من يفقد أو يحتاج إلى ما يتم به أمره ، فيبعث الإنسان إلى تتميم نقصه ورفع حاجته إلاّ أنّ هذا المعنى يرجع بحسب التحليل إلى الإعطاء والافاضة لرفع الحاجة وبهذا المعنى يتّصف سبحانه بالرحمة » (١).
وقد ورد « احكم الحاكمين » في القرآن وصفاً لله سبحانه مرّتين.
قال : ( وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ ) ( هود / ٤٥ ).
وقال سبحانه : ( أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ ) ( التين / ٨ ).
والحكم في اللغة بمعنى المنع لإصلاح ، وسمّيت اللجام حَكَمة الدابّة لأنّها تمنعها ومنه قول الشاعر :
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم |
|
إنّي أخاف عليكم ان اغضبا |
ثمّ استعير في الحكم الفاصل والقضاء الباتّ بأنه كذا وكذا أو ليس بكذا وكذا لأنّه يمنع الخصمين عن التعدّي ، وسمّيت الحكمة حكمة لأنّها تمنع الرجل من فعل ما لا ينبغي.
قال سبحانه : ( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ) ( النساء / ٥٨ ) وقال : ( يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ ) ( المائدة / ٩٥ ) فكما وصفه القرآن بأنّه « أحكم الحاكمين » كذلك خصّ له الحكم وقال : ( أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ ) ( الأنعام / ٦٢ ) وقال : ( وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) ( القصص / ٧٠ ) وقال : ( أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ ) ( الزمر / ٤٦ ) إلى غير ذلك من الايات. بقي الكلام في المراد من قوله « أحكم الحاكمين ».
__________________
(١) الميزان ج ١ ص ١٦.