١ ـ التعدّد يستلزم التركيب
لو كان هناك واجب وجود آخر لتشارك الواجبان في كونهما واجبي الوجود ، ولابدّ من تميّز أحدهما عن الآخر بشيء وراء ذلك الأمر المشترك ، كما هو الحال في كل مِثْلين ، وذلك يستلزم تركّب كل منهما من شيئين : أحدهما يرجع إلى ما به الإشتراك ، والآخر إلى ما به الإمتياز ، والمركّب بما أنّه محتاج إلى أجزائه لا يكون متّصفاً بوجوب الوجود ، بل يكون ـ لأجل الحاجة ـ ممكناً ، وهو خلاف الفرض.
وباختصار ، لو كان في الوجود واجبان للزم إمكانهما وذلك أنّهما يشتركان في وجوب الوجود فإن لم يتميّزا لم تحصل الإثنينيّة ، وإن تميّزا لزم تركّب كل واحد منهما ممّا به المشاركة وما به الممايزة ، وكل مركّب ممكن فيكونان ممكنين ، وهذا خلاف الفرض.
وهناك شبهة لابن كمّونة أحد المتفلسفة يقول : والعقل لا يأبى بأوّل نظرة أن يكون هناك هويّتان بسيطتان مجهولتا الكنهه ، مختلفتان بتمام الذات البسيطة ويكون حمل وجوب الوجود عليهما قولاً عرضيّاً (١).
وقد اُجيب عنه بأجوبة كثيرة أحدها ما ذكره صدر المتألّهين في المبدأ والمعاد وغيرهما : إنّ مصداق حمل مفهوم واحد ومطابق بالذات ، وبالجملة ما منه الحكاية ، وبذلك المعنى مع قطع النظر عن أيّة حيثيّة كانت ، لا يمكن أن تكون حقائق متخالفة بما هي متخالفة.
وبالجملة : الاُمور المتخالفة من حيث كونها متخالفة بلا حيثيّة جامعة فيها لا تكون مصداقاً لحكم واحد ، ومحكياً عنها به. نعم يجوز ذلك إذا كانت الاُمور متماثلة من جهة كونها متماثلة كالحكم على زيد وعمرو بالإنسانيّة من جهة
__________________
(١) يريد العرض بمعنى الخارج المحمول ، لا المحول بالضميمة.