ومن الناس من جعل المتوسط عائقا ، (١) وقال إنه (٢) لو (٣) كان المتوسط كلما كان أرق كان أدل ؛ (٤) فلو لم يكن ، بل كان خلاء صرف ، لتمت الدلالة ، ولأبصر (٥) الشىء أكبر مما يبصر ، حتى كان يمكن أن تبصر نملة فى السماء ، وهذا كلام باطل ، فليس إذا أوجب رقته زيادة ، يجب (٦) أن يكون عدمه يزيد أيضا فى ذلك ، فإن الرقة ليس هى (٧) طريقا (٨) إلى عدم الجسم. وأما (٩) الخلاء فهو عدم الجسم عندهم ، بل لو كان الخلاء موجودا لما كان بين المحسوس والحاس المتباينين موصل البتة ، ولم يكن فعل ولا انفعال. (١٠)
ومن الناس من ظن شيئا آخر وهو أن الحاس المشترك أو النفس متعلق بالروح ، وهو جسم لطيف ، سنشرح حاله بعد ، وأنه آلة (١١) الإدراك ، وأنه وحده يجوز أن يمتد إلى المحسوسات فيلاقيها أو يوازيها أو يصير منها بوضع ذلك الوضع يوجب الإدراك. وهذا المذهب أيضا فاسد ، فإن الروح لا يضبط جوهره إلا فى هذه الوقايات التي تكتنفه ، (١٢) وأنه إذا خالطه شىء من خارج أفسد جوهره مزاجا وتركيبا. ثم ليس له حركة انتقال خارجا وداخلا ، ولو كان له هذا لجاز أن يفارق الإنسان ويعود إليه ، فيكون للإنسان أن يموت وأن يحيا (١٣) باختياره فى ساعته ولو كان (١٤) الروح بهذه الصفة لما احتيج إلى الآلات البدنية ، فالحق أن الحواس محتاجة إلى الآلات الجسدانية ، وبعضها إلى وسائط ، فإن (١٥) الإحساس انفعال ما ، لأنه قبول منها لصورة المحسوس ، واستحالة ، إلى مشاكلة المحسوس بالفعل ، فيكون (١٦) الحاس بالفعل مثل المحسوس بالفعل ، والحاس بالقوة مثل المحسوس بالقوة ، والمحسوس بالحقيقية القريب هو ما يتصور به الحاس من صورة المحسوس. فيكون الحاس من وجه (١٧) ما ، يحس ذاته لا
__________________
(١) عائقا ... المتوسط : ساقطة من د
(٢) إنه : ساقطة من م
(٣) لو : لما د ، ف.
(٤) أدل : أول م.
(٥) ولأبصر : ولا يصير ك.
(٦) يجب : ساقطة من ف.
(٧) هى : هو : د ، ف ، ك
(٨) طريقا : طريق ك
(٩) وأما : وإنما م.
(١٠) انفعال : + البتة ك.
(١١) وأنه آلة : وآلة ف.
(١٢) تكتنفه : تكنفه ف.
(١٣) يحيا : يحيى د ، ف ، ك.
(١٤) كان : كانت د ، م.(١٥) فإن : وإن د.
(١٦) بالفعل فيكون ... المحسوس : ساقطة من م.
(١٧) وجه : جهة ف.