الفصل الرابع (١)
فى تبيين أن اختلاف أفاعيل النفس لاختلاف قواها
نقول : إن للنفس أفعالا تختلف على وجوه ، فيختلف بعضها بالشدة والضعف ، وبعضها بالسرعة والبطء. فإن الظن اعتقاد ما يخالف اليقين (٢) بالتأكيد والشدة ، والحدس يخالف اليقين (٣) بسرعة الفهم. وقد تختلف أيضا بالعدم والملكة ، مثل أن الشك يخالف الرأى ، فإن الشك عدم اعتقاد من طرفى النقيض ، والرأى اعتقاد أحد طرفى النقيض ؛ ومثل التحريك والتسكين. وقد تختلف بالنسبة إلى أمور متضادة مثل الإحساس بالأبيض والإحساس بالأسود وإدراك الحلو وإدراك المر. وقد تختلف بالجنس مثل إدراك اللون وإدراك الطعم ، بل مثل الإدراك والتحريك. وغرضنا الآن أن نعرف القوى التي تصدر عنها هذه الأفاعيل ، وأنه هل يجب أن يكون لكل نوع من الفعل قوة تخصه أو لا يجب ذلك.
فنقول : أما الأفعال المختلفة بالشدة والضعف فإن مبدأها قوة واحدة ، لكنها تارة تكون أتم فعلا ، وتارة تكون أنقص فعلا. ولو كان النقصان يقتضى أن يكون هناك للأنقص (٤) قوة غير القوة التي للأتم ، لوجب أن يكون عدد القوى بحسب عدد مراتب النقصان والزيادة التي لا تكاد (٥) تتناهى ، بل القوة الواحدة يعرض لها تارة أن تفعل الفعل أشد وأضعف بحسب الاختيار ، وتارة بحسب مؤاتاة الآلة ، (٦) وتارة بحسب (٧) عوائق من خارج أن تكون أو لا تكون وأن تقل أو تكثر. وأما (٨) الفعل وعدمه فقد سلف لك فى
__________________
(١) الفصل الرابع : فصل ٤ ف.
(٢) يخالف اليقين : مخالف لليقين م
(٣) اليقين : التلقن د ، ف.
(٤) للأنقص : لأنقص ك.
(٥) لا تكاد تتناهى : لا تكاد وتتناهى د ؛ تكاد لا تتناهى ك ، م.
(٦) الآلة : الآلات ك
(٧) وتارة بحسب : وبحسب ف ، م.
(٨) وأما : فأما ك ، م.