الفصل الثالث (١)
فى أن النفس داخلة فى مقولة الجوهر
فنقول نحن إنك تعرف مما تقدم لك أن النفس ليست بجسم ، فإن ثبت لك أن نفسا ما يصح لها الانفراد بقوام ذاتها ، لم يقع لك شك فى أنها جوهرة وهذا إنما يثبت لك فى بعض ما يقال له نفس. وأما غيره مثل النفس النباتية والنفس الحيوانية ، فإن ذلك لا يثبت لك فيه. لكن المادة القريبة لوجود هذه الأنفس فيها إنما هى ما هى (٢) بمزاج خاص وهيئة خاصة ، وإنما تبقى بذلك المزاج الخاص بالفعل موجودا ما دام فيها النفس. والنفس هى التي تجعلها بذلك المزاج ، فإن النفس هى لا محالة علة لتكون النبات والحيوان على المزاج الذي له (٣) إذ (٤) كانت النفس هى مبدأ التوليد والتربية كما قلنا ؛ فيكون الموضوع القريب للنفس مستحيلا أن يكون هو ما هو بالفعل إلا بالنفس ، وتكون النفس علة لكونه كذلك ، ولا يجوز أن يقال : إن الموضوع القريب حصل موجودا على طباعه (٥) بسبب (٦) غير النفس ، ثم لحقته النفس لحوقا (٧) ما لا قسط له بعد ذلك فى حفظه وتقويمه وتربيته ، كالحال فى أعراض يتبع وجودها وجود الموضوع لها اتباعا ضروريا ، ولا تكون مقومة لموضوعها بالفعل. وأما النفس فإنها مقومة لموضوعها القريب موجودة إياه بالفعل ، كما تعلم الحال فى هذا إذا تكلمنا فى الحيوان. وأما الموضوع البعيد فبينه (٨) وبين النفس صور أخرى تقومه (٩). وإذا فارقت النفس وجب ضرورة أن يكون فراقها يحدث لغالب
__________________
(١) الفصل الثالث : فصل ٣ ف.
(٢) ما هى : ساقطة من م.
(٣) له : لها د ، ك ، م.
(٤) إذ : إذا د.
(٥) موجودا على طباعه : على طباعه موجودا ك ، م ؛ + وكان ذلك ف.
(٦) بسبب : لسبب ك
(٧) لحوقا : لحوق ف.
(٨) فبينه : فبينها م.
(٩) تقومه : تقومها د ، ك ؛ تقويها م.