الفصل الخامس (١)
فى حاسة (٢) السمع
وإذا قد تكلمنا فى أمر اللمس والذوق والشم ، فبالحرى أن نتكلم فى أمر السمع. فنقول : إن الكلام فى أمر السمع يقتضى الكلام فى أمر الصوت وماهيته ، وقد يليق بذلك الكلام فى الصدى. فنقول : إن الصوت ليس أمرا قائم الذات موجودا ثابت الوجود يجوز فيه ما يجوز فى البياض والسواد والشكل من أحكام الثبات على أن يصح فرضه ممتد الوجود وأنه مثلا لم يكن له مبدأ وجود زمانى كما يصح هذا الفرض فى غيره ، بل الصوت بين واضح من أمره أنه أمر يحدث وأنه ليس يحدث إلا عن قلع أو قرع. أما (٣) القرع فمثل ما تقرع صخرة أو خشبة فيحدث صوت. وأما القلع فمثل ما يقلع أحد شقى مشقوق عن الآخر كخشبة فيحدث صوت. وأما القلع فمثل ما يقلع أحد شقى مشقوق عن الآخر كخشبة تنحى عليها بأن تبين أحد شقيها عن الآخر طولا. ولا تجد أيضا مع كل قرع صوتا ، فإن قرعت جسما كالصوف (٤) بقرع لين جدا لم تحس صوتا ، بل يجب أن تكون للجسم الذي تقرعه مقاومة ما (٥) ، وأن يكون للحركة التي للمقروع به إلى المقروع عنف صادم ، فهناك يحس. وكذلك أيضا (٦) إذا شققت شيئا يسيرا يسيرا (٧) وكان (٨) الشىء لا صلابة له لم يكن للقلع صوت البتة. والقرع بما هو قرع لا يختلف. والقلع أيضا بما هو قلع لا يختلف. لأن أحدهما إمساس والآخر تفريق ، لكن الإمساس يخالف الإمساس بالقوة والسرعة ، والتفريق أيضا يخالف التفريق بمثل ذلك. ولأن كل صائر إلى مماسة شىء فيجب أن يفرغ لنفسه مكان جسم آخر كان
__________________
(١) الفصل الخامس : فصل ٥ ف.
(٢) حاسة : ساقطة من د ، م.
(٣) أما : وأما ك.
(٤) كالصوف : كالصوت م.
(٥) ما : ساقطة من د ، م.
(٦) أيضا : ساقطة من ف ، م.
(٧) يسيرا يسيرا : يسيرا د
(٨) وكان : أو كان د ، ك.