الفصل الرابع (١)
فى الذوق والشم
وأما الذوق فإنه تال للّمس ، ومنفعته أيضا فى الفعل الذي به يتقوم البدن وهو تشهية الغذاء واختياره ، ويجالس اللمس فى شىء وهو أن المذوق يدرك فى أكثر الأمر بالملامسة ، ويفارقه فى أن نفس الملامسة لا تؤدى (٢) الطعم ، كما أن نفس ملامسة الحار مثلا تؤدى الحرارة ، بل كأنه محتاج إلى متوسط يقبل الطعم ويكون فى نفسه لا طعم له وهو الرطوبة اللعابية المنبعثة من الآلة المسماة الملعبة. فإن كانت هذه الرطوبة عديمة الطعوم (٣) أدت الطعوم بصحة وإن خالطها طعم ، كما يكون للممرورين من المرارة ، ولمن فى معدته خلط حامض من الحموضة شابت (٤) ما تؤديه بالطعم الذي فيه (٥) فتحيله مرّا أو حامضا. ومما فيه موضع نظر هل هذه الرطوبة إنما تتوسط بأن تخالطها أجزاء ذى الطعم مخالطة تنتشر فيها ثم تنفذ فتغوص فى اللسان حتى تخالط اللسان فيحسه ، (٦) أو تكون نفس الرطوبة تستحيل إلى قبول الطعم من غير مخالطة ، فإن هذا موضع نظر. فإن كان المحسوس هو المخالط فليست الرطوبة بواسطة مطلقة ، بل واسطة تسهل وصول الجوهر المحسوس الحامل للكيفية نفسها إلى الحاس وأما الحس نفسه فإنما هو بملامسة (٧) الحاس للمحسوس بلا واسطة. وإن كانت الرطوبة تقبل الطعم وتتكيف به فيكون المحسوس بالحقيقة أيضا هو الرطوبة ويكون أيضا بلا واسطة ، ويكون الطعم إذا لاقى آلة الذوق أحسته ، فيكون لو كان للمحسوس الوارد من خارج سبيل إلى المماسة الفائضة من غير هذه
__________________
(١) الفصل الرابع : فصل ٤ ف
(٢) لا تؤدى : + إلى م.
(٣) الطعوم : للمطعوم د.
(٤) شابت : شاب د
(٥) فيه : فيها ف.
(٦) فيحسه : فيحسها ف.
(٧) بملامسة : ملامسة م.