فى التجويف الأول من الدماغ تقبل بذاتها جميع الصور المنطبعة فى الحواس الخمس المتأدية إليه ، ثم الخيال والمصورة وهى قوة مرتبة أيضا فى آخر التجويف المقدم من الدماغ (١) تحفظ ما قبله الحس المشترك من الحواس الجزئية الخمس ، ويبقى فيه (٢) بعد غيبة تلك المحسوسات.
واعلم أن القبول لقوة (٣) غير القوة التي بها الحفظ (٤) فاعتبر ذلك من الماء ، فإن له قوة قبول النقش (٥) والرقم ، وبالجملة الشكل ، وليس له قوة حفظه ؛ على أنا نزيدك لهذا تحقيقا من بعد. وإذا أردت أن تعرف الفرق بين فعل الحس الظاهر (٦) وفعل الحس المشترك وفعل المصورة فتأمل حال القطرة (٧) التي تنزل من المطر فترى خطا مستقيما ، وحال الشىء المستقيم (٨) الذي يدور فيرى طرفه دائرة ، ولا يمكن أن يدرك الشىء خطا أو دائرة إلا ويرى فيه مرارا.
والحس الظاهر لا يمكن أن يراه مرتين ، بل يراه حيث هو ، لكنه إذا ارتسم فى الحس المشترك وزال قبل أن تمحى (٩) الصورة من الحس المشترك أدركه الحس الظاهر حيث هو ، وأدركه الحس المشترك كأنه كائن حيث كان فيه وكائن حيث صار إليه ، فرأى امتدادا مستديرا أو مستقيما. وذلك لا يمكن أن يسبب إلى الحس الظاهر البتة. وأما القوة (١٠) المصورة فتدرك الأمرين وتتصورهما ، وإن بطل الشىء وغاب. ثم القوة التي تسمى متخيلة بالقياس إلى النفس الحيوانية ، ومفكرة بالقياس إلى النفس الإنسانية ، وهى قوة مرتبة (١١) فى التجويف الأوسط من الدماغ عند الدودة ، من (١٢) شأنها أن تركب بعض ما فى الخيال مع بعض وتفصل بعضه عن بعض ، بحسب الإرادة. ثم القوة الوهمية وهى قوة مرتبة فى نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعانى غير (١٣) المحسوسة الموجودة فى المحسوسات الجزئية كالقوة الموجودة فى الشاة الحاكمة بأن هذا الذئب مهروب عنه وأن هذا الولد
__________________
(١) من الدماغ : ساقطة من م.
(٢) فيه : فيها م.
(٣) لقوة : بقوة م
(٤) الحفظ : يحفظ م.
(٥) النقش : النفس د ، م.
(٦) الظاهر : العام الظاهر ف ؛ العام م
(٧) القطرة : القطر ف.
(٨) وحال الشىء المستقيم : ساقطة من م.
(٩) تمحى : تنمحى ف.
(١٠) القوة : ساقطة من د ، ف ، ك.
(١١) قوة مرتبة : القوة المرتبة ف
(١٢) من (الثانية) : ومن ك.
(١٣) غير : الغير د ، ف ، ك.