وقفت الاستحالة. وأيضا فقد تبين لك أن النفس لا ينبغى أن تكون جسما والمحرك الذي يحرك فى المكان بأن يتحرك نحو ما يحرك (١) فهو جسم لا محالة فلو كان (٢) للنفس الحركة والانتقال لكان يجوز أن تفارق بدنا ثم (٣) تعود إليه. وهؤلاء يجعلون مثل النفس مثل الزئبق يجعل فى بعض الأجسام ، فإذا ترجرج تحرك ذلك الجسم ويدفعون أن تكون الحركة حركة اختيارية. (٤)
وأيضا فقد علمت أن القول بالهباء (٥) هذر باطل ، وعلمت أيضا أن القول بوحدة المبدأ الأسطقسى جزاف ، ثم من الملح (٦) ما قالوه من أن الشىء يجب أن يكون مبدأ حتى يعلم ما وراءه. فإنا نعلم وندرك بأنفسنا أشياء لسنا بمبادىء لها. وأما (٧) إثبات (٨) ذلك من طريق من ظن أن المبدأ أحد الأسطقسات ، فهو أنا نعلم أشياء ليست الأسطقسات بوجه من الوجوه مبدأ لها ، ولا هى مبدأ للأسطقسات وهو (٩) أن كل شىء إما أن يكون حاصلا فى الوجود وإما أن لا يكون ، وأن (١٠) الأشياء المساوية لشىء واحد متساوية. فهذه الأشياء لا يجوز أن يقال : إن النار والماء وغير ذلك مبادئ لها فنعلمها بها ، ولا بالعكس.
وأيضا إما أن تكون معرفة النفس بما هى مبدأ له إنما تتناول عن (١١) ذلك المبدأ ، أو تتناول (١٢) الأشياء التي تحدث عن المبدأ وليست هى المبدأ ، أو تكون بكليهما. فإن كانت إنما تتناول المبدأ أو تتناول كليهما ، وكان العالم بالشيء يجب أن يكون مبدأ له فتكون (١٣) النفس أيضا مبدأ للمبدإ (١٤) ومبدأ لذاتها ، لأنها تعلم ذاتها ، وإن كانت (١٥) ليس تعلم المبدأ ، ولكن تعلم الأحوال والتغيرات التي تلحقه. فمن الذي يحكم بأن الماء والنار (١٦) أو أحد هذه (١٧) مبدأ. وأما الذين جعلوا الإدراك بالعددية فقالوا لأن
__________________
(١) ما يحرك : ما يتحرك د ، ك
(٢) فلو كان : ولو كان ف.
(٣) ثم : ساقطة من د.
(٤) اختيارية : اختيار ف ، م.
(٥) بالهباء : بالهيئات د ؛ بالهبا آ ت ف.
(٦) الملح : المحال د ، ف.
(٧) وأما : أمام.
(٨) إثبات : بيان ف.
(٩) وهو : وهى ف.
(١٠) وأن : وأما م.
(١١) عين : غير م.
(١٢) أو تتناول : وتتناول م.
(١٣) فتكون : وتكون د
(١٤) للمبدإ : + وأن تكون النفس أيضا ك ؛ + وأيضا ف ، م
(١٥) كانت : كان د ، ك ...
(١٦) والنار : أو النار ف
(١٧) أو أحد هذه : أو هذه م.