المبدأ لكل (١) شىء عدد ، بل قالوا ماهية كل شىء عدد ، (٢) وحدّه عدد ، وهؤلاء وإن كنا قد دللنا على بطلان آرائهم (٣) فى المبدأ فى مواضع (٤) أخر ، (٥) وسندل فى صناعة الفلسفة الأولى أيضا على استحالة رأيهم هذا وما أشبهه ، فإن مذاهبهم (٦) هاهنا قد تفسد من حيث النظر الخاص بالنفس ، وذلك بأن ننظر ونتأمل هل النفس إنما تكون نفسا بأنها عدد معين كأربعة أو خمسة ، أو بأنها مثلا زوج أو فرد أو شىء أعم من عدد معين ، فإن كانت النفس إنما هى ما هى بأنها عدد معين ، فما يقولون فى الحيوان المحزز (٧) الذي إذا قطع تحرك كل جزء منه وأحس ، وإذا أحس فلا محالة هناك تخيل ما ، وكذلك كل جزء منه يأخذ فى الهرب إلى جهة وتلك الحركة من (٨) تخيل ما لا محالة. ومعلوم أن الجزءين يتحركان عن قوتين فيهما ، وأن كل واحد منهما أقل من العدد الذي كان فى الجملة ، وإنما كان النفس عندهم العدد الذي فى الجملة لا غير ، فيكون هذان الجزءان يتحركان لا عن نفس وهذا محال ، بل فى كل واحد منهما نفس من نوع نفس الآخر ، فنفس مثل هذا الحيوان واحدة بالفعل ، متكثرة بالقوة تكثرا إلى النفوس (٩) وإنما تفسد فى الحيوان المحزز (١٠) نفساه ولا تفسد فى النبات ، لأن النبات قد شاعت فيه الآلة الأولية لاستبقاء فعل النفس ولا كذلك فى الحيوان المحزز ، (١١) بل بعض بدن الحيوان المحزز (١٢) لا مبدأ فيه لاستبقاء المزاج الملائم للنفس ، وفى بعضه الآخر ذلك المبدأ ، ولكنه يحتاج فى استبقائه ذلك إلى صحبة من القسم الآخر ، فيكون بدنه (١٣) متعلق الأجزاء بعضها ببعض فى التعاون على حفظ المزاج فإن (١٤) لم تكن النفس عددا بعينه ، بل كانت (١٥) عددا له كيفية ما وصورة فيشبه أن تكون فى بدن واحد نفوس (١٦) كثيرة. فإنك تعلم أن فى كثير من الأزواج أزواجا وفى كثير من الأفراد أفرادا ، وفى كثير من المربعات مربعات ، وكذلك سائر الاعتبارات.
__________________
(١) لكل : الكل م (٢) وحده عدد : ساقطة من م.
(٣) آرائهم : رأيهم ف ، م (٤) مواضع : موضع ف ، م
(٥) أخر : آخر ف ، م.
(٦) مذاهبهم : مذهبهم ف ، م.
(٧) المحزز : المجزر ف ؛ المجرد ك.
(٨) من : عن ف ، م.
(٩) النفوس : نفوس م
(١٠) المحزز : المجرد ك.
(١١) المحزز : المجزر ف ؛ المجرد ك.
(١٢) المحزز : المجزر ف ؛ المحر د ك.
(١٣) بدنه : بدله ك
(١٤) فإن : وإن ف.
(١٥) كانت : كان ك.
(١٦) نفوس : نفس م.