بها. ومن الناس من ظن أن النفس هو الإله ـ تعالى عما يقوله الملحدون ـ وأنه يكون فى كل شىء بحسبه (١) فيكون فى شىء طبعا وفى شىء نفسا وفى شىء عقلا سبحانه وتعالى عما يشركون.
فهذه هى المذاهب المنسوبة إلى القدماء الأقدمين فى أمر النفس ، وكلها باطل. فأما الذين تعلقوا بالحركة فأول ما يلزمهم من المحال أنهم نسوا السكون ، فإن كانت النفس تحرك بأن تتحرك وكان (٢) لا محالة تحركها علة للتحريك ، فلم يخل تسكينها إما أن يصدر عنها وهى متحركة بحالها فتكون نسبة تحركها بذاتها إلى التسكين والتحريك واحدة. فلم يمكن أن يقال : إنها تحرك بأن تتحرك ، وقد فرضوا ذلك ، أو يصدر عنها وقد (٣) سكنت ، فلا تكون متحركة بذاتها. وأيضا فقد عرفت مما سلف أنه لا متحرك إلا من محرك وأنه ليس شىء متحركا من ذاته فلا تكون النفس شيئا متحركا من ذاته ، (٤) وأيضا فإن هذه الحركة لا يخلو إما أن تكون مكانية أو كمية أو كيفية أو غير ذلك. فإن كانت مكانية فلا يخلو إما أن تكون طبيعية أو قسرية أو نفسانية ، (٥) فإن كانت طبيعية فتكون إلى جهة واحدة (٦) لا محالة ، فيكون تحريك النفس إلى جهة واحدة فقط. وإن كانت قسرية فلا تكون متحركة بذاتها ، ولا يكون أيضا تحريكها بذاتها ، بل الأولى أن يكون القاسر هو المبدأ الأول وأن يكون هو النفس. وإن كانت نفسانية فالنفس قبل (٧) النفس وتكون لا محالة بإرادة فتكون إما واحدة لا تختلف ، فيكون تحريكها على تلك الجهة الواحدة ، أو تكون مختلفة فتكون بينها كما علمت سكونات لا محالة ، فلا تكون متحركة لذاتها. وأما الحركة من جهة الكم فأبعد شيء من النفس ، ثم لا يكون شيء متحركا من جهة الكم بذاته ، بل لدخول داخل عليه أو استحالة فى ذاته. وأما الحركة على سبيل الاستجالة فإما أن تكون حركة فى كونها نفسا فتكون النفس إذا حركت لا تكون نفسا ، وإما حركة فى عرض من الأعراض لا فى (٨) (٩) كونها نفسا. فأول حين ، (١٠) ذلك أن لا يكون تحركها ، من نحو تحريكها بل تكون ساكنة فى المكان حين تحرك فى المكان.
والثاني أن الاستحالة فى الأعراض غايتها حصول ذلك العرض ، وإذا حصل فقد
__________________
(١) بحسبه : بحبسه م.
(٢) وكان : فكان د ، ك ، م.
(٣) فقد : قد ف.
(٤) فلا تكون ... ذاته : ساقطة من د.
(٥) نفسانية : نفسية د
(٦) واحدة : ساقطة من ف.
(٧) قبل : مثل م.
(٨) الأعراض لا فى : أعراض ف
(٩) لا فى : ساقطة من م
(١٠) حين : ساقطة من ف.