فالسابقات من هذه
النازعات وأمثالها ، تسبقها فيما تريد في ميادين السباق ، وكما في الناشطات والسابحات
سابقات ، كلها تنحو منحى تدبير الكون إلهيا وتدميره إلهيا.
هذه السابقات هي
المدبّرات أمرا : إذ تنزع ما أمرت بنزعها من أرواح ، ثم تدبّر أمر الله فيها ،
برجع الأبدان إلى حيث كانت ـ وكما يناسب الحياة الآخرة ـ ثم رجع الأرواح إليها
وجمعها يوم الجمع.
إنها نشيطة في
سبحها وسابحة في نشطها ، سابقة سائر القوات في تحقيق أمر الله في جو الحياة
ومعداتها ، والموت ومعداته .. ولأنها مدبرات لأمر الله (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ).
هذه المدبرات أمرا
، تدبّر بما سبقت سائر القوات ، فهي مدبّرة وتلك مدبّرة ، بما سبقت في نضالها ، في
نزعها ونشطها وسبحها.
لا يمكن ولا يكون
إلا ما أراد الله في دنيا الحياة وعقباها ، إلا ما فيه الاختيار ، دون أن يملك
الاختيار أيضا جبرا في إرادة الله.
إن ملائكة الله
ينزعون ـ نازلين ـ عن أمر الله : غرقا في أعماق الكون لتحقيق أمره ، وينشطون
محللين وعاقدين كذلك ، ويسبحون في بحر الوجود ابتغاء تلقي الأوامر الإلهية تحقيقا
وتطبيقا ، ويرجعون إلى مقام العز نشيطين منبسطين سابقين مناوئيهم في ميادين السباق
، مدبرين أمر الله بما أراده الله «يدبرون ذكر الرحمن وأمره» .
__________________