و «استغفره» : فهل هو من العصيان والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم معصوم من العصيان ، مطهّر من الأرجاس كلها كما طهّره ربه! (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ... كلا لا عصيان في ساحة النبوة القدسية حتى يكون الاستغفار عنه ، ولا يختص الاستغفار بحالة العصيان لكي نضطر إلى التأويل ، فإنما الاستغفار من الغفر وهو الستر ، فهو التماس الغفر والستر ، إما عن عار وعورة العصيان ، والنبي معصوم عن العصيان! واما عما سواه من ملابسات لا يخلو عنها أي إنسان :
١ ـ من التقصير أو القصور في حمد الله وشكره ، فجهد الإنسان ـ مهما كان ـ ضعيف محدود ، وآلاء الله دائمة الفيض والهملان : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) .. فمن هذا التقصير يكون الاستغفار ، وإن كان من القصور الذاتي ، دون عصيان الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم كما يقول : «ما عرفناك حق معرفتك وما عبدناك حق عبادتك».
٢ ـ والاستغفار من الخلط بالناس الذي يلزمه الغبار على القلب ، وإن كان واجبا رساليا من حيث التوجيه ، ولكنه يلازمه غفلة مّا عن ساحة الربوبية ، ولذلك نراه ليلة المعراج حينما عرج عن الكائنات واستغفل عنها ، أصبح من قرب ربه معنويا (قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى).
٣ ـ والاستغفار طلب الغفر والستر من بأس الأعداء : شياطين الجن والإنس ، وقد غفر الله لنبيه كذلك بما فتح له مدينة التوحيد مكة المكرمة ، كما وعده وجعله من أهداف الفتح : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً. لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ..) : ليستر لك الله من ذنبك عند المشركين ، إذ كانوا يتربصون بك الدوائر ليقضوا عليك ، فستر الله وغفر عنه بأسهم بما فتح له أم القرى.
٤ ـ والاستغفار لملابسات نفسية كثيرة دقيقه لطيفة المدخل : من الزهو الذي قد يساور القلب ، أو يتدسس اليه من سكرة النصر بعد طول الكفاح ، وفرحة