الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١٨ : ١٠٥).
أعمالهم حابطة قياسا إلى الآخرة ، ولو كانت مثابا عليها يوم الدنيا وهم فيها لا يبخسون : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ. أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١١ : ١٥ ـ ١٦).
هنا وهناك تتحدث الآيات عمن محّض الإيمان محضا ، ومن محض الكفر محضا ، دون من (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩ : ١٠٢).
(فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ)(١) كما كانت الهاوية أمه : ملجأه ومرجعه ، مصدره ومورده ، أعماله وأفكاره ، كانت كلها هاوية : نارا حامية : تحرق ما تبلعه (٢) ، فسوف
__________________
(١) الدر المنثور (ج ٦ ص ٣٨٥) أخرج الحاكم عن الحسن قال : قال رسول الله (ص): إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان؟ فإذا قال : مات ـ قالوا : ذهب إلى أمه الهاوية. فبئست الأم. وبئست المربية.
(٢) وفيه أخرج أبو يعلي قال كان رسول الله (ص) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره ، وإن كان مريضا عاده ، ففقد رجلا من الأنصار في اليوم الثالث فسأل عنه فقالوا : تركناه مثل الفرخ لا يدخل في رأسه شيء إلا خرج من دبره ، قال عودوا أخاكم ، فخرجنا مع رسول الله (ص) نعوده فلما دخلنا عليه قال رسول الله (ص) : كيف تجدك؟ قال : لا يدخل في رأسي شيء إلا خرج من دبري قال : ومم ذاك؟ قال : يا رسول الله (ص)! مررت بك وأنت تصلي المغرب فصليت معك وأنت تقرأ هذه السورة (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) إلى آخرها : (نارٌ حامِيَةٌ) فقلت اللهم ما كان من ذنب أنت معذبي في الآخرة فعجل لي عقوبته في الدنيا فنزل بي ما ترى ، قال رسول الله (ص) : بئس ما قلت ، ألا سألت الله أن يؤتيك في الدنيا حسنة ويقيك النار ، فأمره النبي (ص) فدعا بذلك ودعا له النبي (ص) فقام كأنما نشط من عقال.