(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى. إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) :
كلا : إنه لا ينتبه هذا الإنسان أنه علق خلق من علق ، وإن ربه علّمه ، فهو متعلق الذات والكمالات بربه ، ولكنه ينسى فيطغى أن رأى نفسه مستغنيا عن ربه وليس به!.
إن رؤية الاستغناء هي الدافعة للطغوى : أن يحسب الإنسان نفسه مستغنيا عن ربه فيطغى عليه ويعصيه ، ومستغنيا عن الخلق فيظلمهم ، فلا الغنى ولا الاستغناء ، ليس واقعا يعيشه أي إنسان ، وإنما الخطأ في الرؤية ، أن يراه كذلك وليس به : (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) خطأ عامدا يندد به بأشده ، كيف لا ينتبه أنه فقير إلى الله كما كان بداية أمره! وأن رجوعه إلى ربه ، لا يستطيع الفرار عن رجعاه ، مهما كان مبتداه!.
هذه الرؤية الخاطئة قد تجعل الإنسان طاغيا على الله وعباده في حملة واحدة ، كالذي ينهى عبدا إذا صلى :
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى. أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى. أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى) :
أبو جهل الطاغية يرى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يصلي عند البيت ويقول لحزبه : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم ، قال : فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ، فقيل له : ها هو ذلك يصلي ، فانطلق ليطأ على رقبته فما فجئهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويقي بيديه ، فقالوا : ما لك يا أبا الحكم! قال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة ، وقال نبي