ورائها ومعها الإعصار الإلهي ـ حتى كافحت حرارة الأرض وروّتها ماء وبرّدت ظاهرها رغم ذوبان باطنها نتيجة الحرارة الزائدة.
إنها أعصرت فأنزل الله بها ماء ثجاجا : غزيرا كثيرا يصبه صبا : (أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا. وَعِنَباً وَقَضْباً. وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً. وَحَدائِقَ غُلْباً. وَفاكِهَةً وَأَبًّا. مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) (٨٠ : ٢٥ ـ ٣٢).
إنه تعالى روّى كرتنا العطشى المحترقة بما فتح من أبواب السماء بماء منهمر ، وبمعصرات عدة ، فجعل من الأرض بحرا متلاطما ، ثم يبست شيئا مّا لكي : (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ).
وهنا صب ثان في طوفان نوح : (فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ. تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ. وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٥٤ : ١١ ـ ١٥) .. كما الأرض أصبحت كأنها بحر لجّي ، إلى أن أقلعت السماء ماءها وابتلعت الأرض : (وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١١ : ٤٤).
وصب ثالث هو أخفها وطئا وأكثرها عددا ، هي السيول التي تجري على الأرض ، بمعصرات الرباح والسحاب والتفريغات الكهربائية : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ ..) (٣٠ : ٤٨).
إن معصرات الرياح هنا تزجي السحاب من أبخرة مياه الأرض : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) (٢٤ : ٤٣).
وهذا بخلاف الرياح المعصرات في الإعصار الأول والثاني ، أنها كانت تعصر أبخرة مياه السماء ، وتفتح أبواب السماء بماء منهمر ..