الطارق هو الإنسان الذي يطرق ليلا فيدق الباب ، فإن الطرق هو الدّقّ ، كما المطرقة هي المدقة ، ويسمى الآتي ليلا طارقا لأنه يأتي في وقت يحتاج فيه إلى الدق أو ما يقوم مقامه ، للتنبيه على طروقه والإيذان بوروده.
والنجم هو الكوكب الطالع بنوره ـ وعله بطلوع التمدن فيه أيضا ـ والثاقب : هو النافذ بنوره وبطرقه ، يثقب ظلام الليل بنوره ، ويظلم الحياة على مسترقي السمع الشياطين ، بوقعه : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ).
فالسماء حفيظة لأولادها الكواكب ، وطوارقها الثواقب ، حفيظة للملإ الأعلى أن يسّمّع إليهم : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) : المدرعات الجويّة التي تثقب بنيازكها النارية النورية سرّاق السمع.
فالنجوم الثاقبة الطارقة ليلا هي نور حياة للمهتدين ، وظلم على حياة المعتدين كما وأن آيات الوحي تثقب بأنوارها ظلمات الضلالات ، وتثقب بوقعها كيان الشياطين ، ومن أثقب النجوم في سماء الوحي هو الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم (١).
قسما بهذه النيازك النارية والطوارق النورية ، الثاقبات الحافظات للكيان السماوي ، إن واقع الحفاظ لا يختصها ، وإنما يعم كل نفس : بشري وملائكي وجني وحيواني وسواها ، حفظا عن الأخطار الموجهة إليها ، ومن أخطارها الموجهة إلى غيرها :
(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) :
إن كل نفس إلا (٢) عليها حافظ إلهي ، أو ملائكي وبشري بأمر الله ،
__________________
(١) كما في نور الثقلين ٥ : ٥٥٠ ح ٣ عن تفسير القمي عن الصادق (ع).
(٢) تجيء «لما» * بمعنى «إلا» * في موضعين : أن ، والقسم كقولك سألتك بالله لما فعلت ، ويحتمل أنها مخففة فاللام للتأكيد و «ما» * صلة مؤكدة ، والأول أصح والثاني مشوه.