«إن الذين كفروا لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط» (٧ : ٤٠).
وقسما باليوم الموعود الذي تعرض فيه الأعمال والخلائق ، وقسما بشاهد ومشهود ، إذ يغرق المكلفون في جو الشهود ، وإذ تلتقي السماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود.
قسما بهذه وتلك لقد حدث حادث في تاريخ الإنسان يجرح الأكباد ويقرح العيون : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ ..) أفهل تزعم أن ظلامتهم تذهب هدرا ، والكون بمن فيه وما فيه شهود؟ :
(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ. النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) :
الأخدود شقّ في الأرض مستطيل غائص ، وجمعه أخاديد ، والنار ذات الوقود هي التي أضرمت وأوقدت في الأخدود ، لحدّ أصبح الأخدود كأنه نار ذات وقود ، إيحاء بتلهّب النار في الأخدود كله ، كأن لم يبق أخدود إلا الوقود (١) فنفس الأخدود ضيق ، ثم قلبه نارا ضيق على ضيق وعذاب فوق العذاب.
وأصحاب الأخدود هم الجبابرة الذين أوقدوا النار في الأخدود ، لا المؤمنون الذين أحرقوا فيها ، لأن أصحاب الأخدود ـ حسب النص ـ قتلوا ، والمؤمنون أحرقوا ، ولا يعبّر عن الحرق بالقتل ، وإن كان هو أيضا قتلا ولكنه بالحرف ،
__________________
(١) النار ذات الوقود بدل الاشتمال عن الأخدود ، جيء به كبدل الكل مبالغة في الوقود ، وهنا رواية في النار لطيفة : عن الخصال عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن النيران فقال «أربعة : نار تأكل وتشرب ، ونار تأكل ولا تشرب ، ونار تشرب ولا تأكل ، ونار لا تأكل ولا تشرب ، فالتي تأكل وتشرب فنار ابن آدم وجميع الحيوان ، والتي تأكل ولا تشرب فنار الوقود ، والتي تشرب ولا تأكل فنار الشجر ، والتي لا تأكل ولا تشرب فهي نار القداحة والحباحب» (نور الثقلين ٥ : ٥٤٧).