والجاه القبلي ، وسلطان حاجة الناس ـ المدقعة لما في أيديهم ، واحتكارهم للتجارة لحدّ يضطر الناس إلى تقبل هكذا اكتيال عليهم ..
وليس استيفاؤهم من أموال الناس فحسب ، بل ومن أرواحهم ومشاعرهم أيضا عن طريق العقائد الباطلة ، فهم عند ما يشترون منهم ما عندهم ببخس الثمن واستيفاء المثمن ، يشترون كيانهم أيضا ويملكونهم بأموالهم ، فهم محتكرو النفوس والنفائس .. يملكون أصواتهم وذاتياتهم ببخس الثمن كما يملكون أموالهم به.
(وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ) :
ومرة أخرى يملكونهم عند ما يبيعونهم ، فلا يكيلون لهم ولا يزنون ، وإنما يكيلونهم ويزنونهم : أنفسهم وأموالهم وكيانهم ككلّ ، فيخسرونهم هنا كما أخسروهم هناك ، ملكية معقدة مزدوجة ، دون أن يبقوا لهم رمقا ولا نفسا ولا نفسا ، وهذا أخطر دركات التطفيف ، وقد يكون الاشتراء السليم والبيع المخسر داخلا في نطاق الآية ولكنه تطفيف طفيف لا ويل له إلا في هكذا جمع خاسر وقسمة ضيزى ، أنه يستوفي حقه مشتريا ولا يوفي حق الآخرين بائعا ، ولكنما الويل كل الويل لمن يخسر في الحالتين ، ولذلك نرى الإسلام يرفع صوته عاليا معلنا لحرب الويل في وجه البخس الساحق الماحق على جمهرة المحتكرين المستغلين المسيطرين على الجماهير الفقيرة المحطمة البائسة ، دون أن يخدّرهم ويصبّرهم على الظلم والضيم حياتهم.
فهذا سوط الإسلام وصوته يرفعه عاليا على رؤوس الفرعونية الكافرة والقارونية الجائرة ، والبلعمية المائرة ، ثالوث منحوس طوال التاريخ : الاستعمار والاستثمار والاستحمار ، وقد تجتمع في شخص واحد ، ثلاثة في واحد ، وواحد يحمل ثلاثة ، فرعون قارون بلعم ، إله واحد في أقانيم ثلاثة!. يستحمر الناس فيخدّرهم ويصبّرهم على الظلم والضيم ، ويستعمرهم ويستثمرهم ، ورمزا إلى حرب