الكنس ، وكيف يقسم بها لإثبات وحي القرآن وضوئه الذي لا يكنس ولا يخنس! : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوارِ الْكُنَّسِ).
وقد يجوز ـ فيما لا يجوز ـ كون الليل المعسعس والصبح المتنفس مقسما بهما لمكان. الواو : «والليل ـ والصبح» كما في (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٩٣ : ١ ـ ٣) : ليس ترك الوحي للفترة التي ترك فيها ـ وهو سجي ليل النبوة ـ ليس إعراضا عن النبي بتوديع ولا قلي ، إنما هو من الله ، لحكمة قضت ، وكما أنّ استمرارية الوحي ـ وهو ضحى نهار النبوة ـ إنه من الله تعالى.
كذلك ليس وحي القرآن إلّا كالصبح إذا تنفس ، في حين أن ما سواه من وحي الأرض هو الليل إذا عسعس : أن ميزة وحي السماء في نورها كميّزة الصبح أن يشق نوره ظلم الليل الدامس العسعس.
فهذا هو الكتاب المنير ، وعلى حدّ تعبير الرسول البشير النذير : «هو النور المبين والحبل المتين والعروة الوثقى والدرجة العليا والشفاء الأشفى والفضيلة الكبرى والسعادة العظمى ، من استضاء به نوره ومن عقد به أموره عصمه الله ومن تمسك به أنقذه الله ، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله ، ومن استشفى به شفاه الله ومن آثره على ما سواه هداه الله ومن طلب الهدى في غيره أضله الله ومن جعله شعاره ودثاره أسعده الله ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومعوله الذي ينتهي إليه أداه الله إلى جنات النعيم والعيش السليم» و «فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن .. له نجوم وعلى نجومه نجوم .. فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ودليل المعرفة لمن عرف الصفة ، فليجل جال بصره ولبلغ الصفة نظره ينج من عطب ويتخلص من نشب ، فإن التفكر حياة قلب القصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور ..».
وعلى حد تعبير علي أمير المؤمنين عليه السّلام : «نور لا تطفأ مصابيحه وسراج