ثم تحوّلها بخارا بخروج الكرة النارية المذابة من بطن الأرض ، ثم تحوّل البخار نارا كما كان بداية خلقة الأرض والسماوات وهذا هو تسجير البحار ، فإن التسجير هو تهييج النار وكما هم : (فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) (٤٠ : ٧٢) فكما النار تحرق بلهيبها دون اقتصار على الإغلاء ، كذلك البحار تسجّر ، تبدلا إلى لهيب النار بعد أن تفجّر ، وكما البحر المسجور من العذاب الواقع : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ. إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ) (٥٢ : ٥ ـ ٦).
إن المواد الكيماوية كلما زيدت حرارتها تفسّخت وتفجرت عن تركباتها وأخذت سبيلها إلى البساطة وإلى المادة الفردة الأولية ، التي هي آخر المطاف في التقلبات الكيماوية ، وهي تتحمل حرارة أشدّ وأكثر ، كلما كان التحلّل عن التركبات أكثر وأكثر.
لذلك نجد الشمس في مركزها أثقل وأحر مما في سطحها ، إذ إنها تحمل أبسط الذرات الكيماوية «الهيدروجين» التي هي آخر المطاف في التقلبات الكيماوية فيما نعرفه حتى الآن ، وثم إلى المادة الفردة التي لا نعرفها حتى الآن ، وقد تحمل مليارات المرات من الحرارة التي نجدها الآن.
وهذه هي مصير كل المركبات والعناصر الكيماوية ، ترجع إلى ما كانت ، ومنها الماء ، فالبحار تفجّر وتسجّر ، كما الكائنات كلها تسجّر ، فلا يبقى إلا مسجور محروق.
أجل ـ وإن الزلازل والبراكين سوف تزيل الحواجز بين البحار فتغلغل على أثرها ، وسائر العوامل الحرارية المسبقة وإلى انفصال ذرتي الماء : الأوكسجين والهيدروجين ، وإلى تفجرهما أيضا .. وآخر المطاف أن البحار تسجّر : تصبح نيرانا ملتهبة هائلة لا يتصور مداها.
وأنّ تفجر قدر محدود من الذرات بالقدرة المحدودة البشرية في القنابل الذرية يحدث الهول الذي لا نتحمله ، فكيف بنا إذا انفجرت الذرات كلها ومعها البحار ، بحار الأرض والسماء؟!