إنها مسفرة ضاحكة فرحة مستبشرة ، تتطلب بشارات الرحمة كما الله بشرها يوم الدنيا لهذا اليوم ، ولأنها عرفت مصيرها وتبيّن لها مكانها ومكانتها بعد حريتها من هول الصاخة المذهل المبكي.
وإنها الوجوه الناعمة الراضية : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ. لِسَعْيِها راضِيَةٌ) (٨٨ : ٧ ـ ٨).
والناضرة الناظرة : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (٧٥ : ٢١ ـ ٢٢).
(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ. تَرْهَقُها قَتَرَةٌ. أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) :
تعلوها غبرة الحزن والحسرة وسواد الذل والانقباض والانكماش ، فهي إذا : (باسِرَةٌ. تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) (٧٥ : ٢٥ ـ ٢٤) وهي : (خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) (٨٨ : ٢ ـ ٣).
وجوه مغبرة عليها غبرة الحزن والأسى ، ترهقها : تغشاها ـ قترة : هي سواد الذل ـ وترغمها ، يبقى عليها هول الصاخة ، ويزيد إذ عرفت ما قدمت لأنفسها ـ من سخط شديد وعذاب عتيد.
إن هذه الغبرة الظاهرة على تلك الوجوه هي شيء من فوضى الحياة المغبرة التي عاشوها ، وهنا يعرفون بها (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) (٥٥ : ٤١) وكما المؤمنون (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) (٤٨ : ٢٩).
(أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) : كفروا بالله وأنعمه ، وفجروا حرمات الله وما راعوها.