قد تؤخذ المعرفة من مصدر الضلالة على غرة الجهالة دون نظرة عميقة فتصبح الروح جهنمية شاردة عن مصدر المعرفة ، فتقتل بسمها القاتل طول الحياة وإلى الخلود ، كهؤلاء الذين يتبعون كل ناعق وناطق بهواه ، همج رعاع ، لا ينظرون إليهم نظر العقل ، يميلون مع كل ريح ولا يستضيئون بنور العلم ، هؤلاء هم المقتولون بذات أيديهم إذ لا ينظرون إلى طعامهم.
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ. أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) :
هنا نستوحي من النظر إلى طعام الجسم ، إلى أصوله ومهيئاته ، نستوحي نظرا إلى طعام الروح.
(أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا) : عله أو أنه هو الصب الأوّل على كرتنا الأرضية ، إذ كانت محترقة عطشانة ، صبّ عليها ماء ثجاجا ، ليخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا.
إن درجة حرارة الكرة الأرضية ـ بداية ترسبها زبدا عن التفجر الأول للمادة الأولية «الماء» * ـ إنها كانت هائلة جدا ، لم تكن لتقبل الماء ولا أن يتحد جزءاه «الأوكسجين والهيدروجين» إلا بعد أن هبطت حرارتها إلى زهاء أربعة آلاف درجة حرارية ، حينذاك تكوّن الماء في الفضاء الخارجي البعيد عن كرتنا فصب عليها صبا ثجاجا لحدّ غرقت الأرض في ثجاجها ، ثم يبست بعد ما؟؟؟ من الماء وأبخرت الباقي فشقت الأرض شقا.
فانشقاق الأرض ، المهيأ لخروج النبات فيها ، كان متراخيا بزمن عن صب الماء عليها المشار إليه ب «ثم» *.
(ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا) :
بعد موجان ذائبها ، وموجان مياهها ، وبعد انجمادها شيئا مّا ، انشقت الأرض في ظواهرها.