حيث لم يتدبروا فيه (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ ..) (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)».
ذلك ، فلا يصح ويصلح تصديق شيء أو تكذيبه إلّا بعد معرفته والحيطة به قدر ما يسمح للحكم له أو عليه ، وهؤلاء الحماقي المجاهيل ـ الذين لا يسمحون لأنفسهم أن يسمعوا لهذا القرآن ـ يبتدرون بتكذيبه وأنه فرية على الله ، كإخوانهم الماديين الذين يحصرون الكون في المادة ثم يحكمون أن ليس الله كائنا لأنه ليس من المادة ، أم لأننا ما وجدناه في عالمنا ، وهذا تكذيب بما لم يحيطوا بعلمه.
وهكذا كل مصدّق أو مكذّب لا بد فيه من حيطة علمية قدر ما يصلح للحكم ، كما وأن كل علم أو ظن أو شك أو وهم بحاجة إلى برهان يقرره.
ذلك ول (لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) معنيان هما معا هنا معنيان ثانيهما التكذيب بما لا يعلم ولمّا يعلم ، وقد سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الأمور العظام التي تكون مما لم تكن فقال : لم يأن أو ان كشفها بعد وذلك قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (١).
ولقد «خص الله عباده بآيتين من كتابه أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا ..» (٢).
(وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ)(٤٠).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٣٠٤ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عنه (عليه السلام) وفيه عن حمران قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الأمور العظام من الرجعة وغيرها فقال : إن الذي تسألوني عنه لم يأت أو انه قال الله : ..
(٢) المصدر عن أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ... قال عزّ وجلّ : (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) وقال : بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولمّا يأتهم تأويله.